«سائق تحت التدريب» .. سلوك مروري مرفوض
انتشرت في الآونة الأخيرة بشكل لافت للنظر في شوارع وطرقات مدينة الرياض، وربما في مدن المملكة الأخرى ومحافظاتها، لافتة تحمل عبارة ''سائق تحت التدريب'' على بعض المركبات الخاصة التي تسير في الطرقات العامة؛ ما تسبب في إدخال الرعب والذعر والتوجس في قلوب قائدي المركبات الأخرى، ولا سيما أن مثل هذه اللافتات آخذة في الانتشار بمرآى على أنظار رجال المرور، وكأن ذلك يوحي بأن مثل هذا السلوك المروري الخاطئ، يعد سلوكا مروريا نظاميا وسليما تقره أنظمة المرور في المملكة، طالما أن المركبة التي تحمل هذه اللافتة، قد حذرت قائدي المركبات الأخرى بأن قائد المركبة تحت التدريب.
نشرت صحيفة ''الرياض'' في العدد 15933، تحقيقا بعنوان: احذر.. أمامك سائق تحت التدريب، الذي أوضحت من خلاله أن مثل تلك اللافتات تجعل بقية السائقين يشعرون برهبة من التجاوز أو العبور أمام المركبة التي تحمل ذلك النوع من اللافتات؛ كون أن قائدي تلك المركبات التي تحمل تلك اللافتات غير مُلمين بالقيادة، ويلتمس لهم العذر إذا صدر عنهم خطأ في أنظمة السير.
ورصد ذات التقرير آراء لعدد من المواطنين والمواطنات حول وضع مثل تلك اللافتات على المركبات، حيث أبدى بعضهم استياءه وامتعاضه من ذلك السلوك؛ كونه يحول الشوارع إلى أماكن لتعليم السائقين القيادة، دون الاستناد إلى أسس ومعايير علمية وعملية، وكما هو واقع الحال بعديد من دول العالم المتقدم؛ ما يعرض أصحاب تلك المركبات لخطر المحافظة على أسرهم وأطفالهم، وبالذات أن بعض الكفلاء يعتبر أن لافتة ''سائق تحت التدريب''، بمثابة رخصة سير وتغاضٍ لما قد يبدر من السائق، دون أن يعلموا أن تلك الورقة تسهم في إهماله، والوقوع في الخطأ دون محاسبة؛ كونه يعتقد أنه مرخص له عمل أي شيء دون محاسبة ولوم. كما رفض البعض وضع مثل تلك اللافتات على المركبات، باعتباره ينم عن استهتار واضح بأرواح الناس بالمركبات الأخرى، فضلاً عن الركاب الذين يركبون مع ذلك السائق.
على النقيض من ذلك أشاد بعضهم بتلك اللافتات، واعتبروها خطوة إيجابية كونها نابعة من الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية، حيث إن كل سائق يقود سيارته، ينتبه أن السائق الذي أمامه غير متقن للقيادة، فيكون في حذر بمجرد رؤية لافتة ''السائق تحت التدريب''.
رغم تأكيد مسؤولين بالمرور لوسائل الإعلام المحلية، أن وضع مثل تلك اللافتات على المركبات، يعد سلوكاً مخالفاً لأنظمة المرور، وبالذات أن نظام المرور، ولائحته التنفيذية، ينصان بصراحة على عدم وضع كتابة أو رسم أو أي بيانات أخرى على جسم المركبة أو أي جزء من أجزائها غير الواجبة بحكم النظام أو اللوائح، إلا أنه من الواضح جدا أن أصحاب المركبات الذين يضعون على مركباتهم مثل تلك اللافتات لا يعيرون أي اهتمام لأنظمة المرور ولتعليماته، وكأن المرور في غفلة تامة عندما يدور حوله من مخالفات وتجاوزات مروية خطيرة.
أوضح خبراء في الشأن المروري، أن بروز مثل هذه اللافتات بشوارع وطرقات المملكة، سببه هو استقدام العائلات السعودية لسائقين أجانب لا يمتلكون للحد الأدنى من الخبرة بقواعد قيادة المركبات ولا بأنظمة المرور في السعودية، فضلا عن استقدام بعض العائلات سائقين لم يسبق لهم قيادة السيارات في بلادهم؛ ما دفعهم لمحاكاة ما يقوم به السائقون تحت التدريب في مدن العالم.
القضاء على مشكلة انتشار مثل هذه اللافتات، يتطلب مزيدا من الحزم والصرامة من قبل إدارات المرور المختلفة في المملكة بمنع مثل هذه الممارسات المرورية الخاطئة، وإلزام العائلات السعودية بعدم استقدام سائقين من بلادهم، لا يجدون قيادة المركبات، بل إن الأمر قد يتطلب فرض أن يكون من بين متطلبات وشروط الحصول على تأشيرة سائق سواء خصوصي أو عمومي، أن يكون لديه رخصة قيادة معتمدة من بلاده، وأن يتم إلحاقه فور وصوله إلى المملكة ولو لفترة وجيزة من الوقت بإحدى مدارس تدريب قيادة السيارات في المملكة للتأكد من قدرته على قيادة المركبة وإلمامه التام بأنظمة المرور في المملكة.
كما أن الأمر ربما يتطلب إعادة تقييم شامل لوضع مدارس تدريب قيادة السيارات في المملكة؛ للتأكد من قدراتها التعليمية والفنية، وأنها مجهزة بالكوادر والأدوات الفنية اللازمة والقادرة لقيامها بالمهام الملقاة على عاتقها على الوجه المطلوب، الأمر الذي يسهم بفاعلية في إيجاد قائدي مركبات في المملكة سواء من المواطنين أم من المقيمين على مستوى كبير من القدرة الفنية على قيادة المركبات الخاصة والعمومية، بما في ذلك المعرفة التامة بأنظمة السلامة المرورية في المملكة.
بعضهم يرى ضرورة إدراج شرط إضافي لاستخراج الإقامة والفحص الطبي والتأمين بشرط حصول السائق على رخصة قيادة من مدارس تعليم القيادة لدينا وفهمه لأنظمة المرور وبذلك ننهي عملية التعلم والمغامرة بشوارعنا. وأن يكون لشركات التأمين دور واضح في القضاء على تلك اللافتات، بالامتناع من التأمين على المركبات وقائديها تحت التدريب والرفع من رسوم التأمين على المركبات وقائديها التي لا تمتثل بأنظمة وقوانين السلامة المرورية.
ويتوقع أيضاً أن يكون لنقاط التفتيش ونظام ''ساهر'' دور مهم ومساهمة فاعلة في القضاء على تلك اللافتات، بالكشف عنها والتصدي لها، من خلال وضع تنظيم معين يكفل تحقيق ذلك.