المسكوت عنه في المسؤولية الاجتماعية بالبنوك السعودية
لا يوجد تعريف محدد متفق عليه للمسؤولية الاجتماعية على مستوى العالم، فقد تعددت التعريفات وتنوعت تبعاً للأبعاد والمقاصد والمفاهيم، التي تستهدفها تلك التعريفات، كما اختلفت أيضاً تلك التعريفات بمناشط المسؤولية الاجتماعية لدى شركات القطاع الخاص بين الإلزام والإجبار وبين الالتزام الأدبي والتطوعي بما في ذلك المجالات والاتجاهات.
عرّف البنك الدولي المسؤولية الاجتماعية لرجال الأعمال على أنها: التزام أصحاب المؤسسات والشركات بالمساهمة في التنمية المستدامة، وذلك من خلال العمل مع موظفيهم وعائلاتهم والمجتمع المحلي والمجتمع ككل، وذلك بهدف تحسين مستوى المعيشة، بأسلوب يخدم التجارة، والتنمية في آن واحد. في حين عرفت الغرفة التجارية الدولية المسؤولية الاجتماعية على أنها: ''التزام مؤسسات الأعمال الطوعي بإدارة أنشطتها على نحو مسؤول. وعرفها بيتر دركر 1954م على أنها ''الالتزام والواجبات المطلوبة من المنظمات والشركات والأفراد تجاه المجتمع''.
بالرغم من اختلاف تعريفات المسؤولية الاجتماعية، إلا أن هنالك قواسم مشتركة بين تلك التعريفات، التي تخلص إلى أن المسؤولية الاجتماعية، هي قدرة المنشأة سواء التي تعمل بالقطاع العام أم بالقطاع الخاص على خلق علاقة جيدة فيما بينها وبين المجتمع المحيط بها والمحافظة على تلك العلاقة، بما يحقق تطور المجتمع وازدهاره وأمنه وأمانه، وذلك من خلال الالتزام بتطبيق أفضل الممارسات Best Practice في مجالات عمل المنشأة المختلفة، بالشكل الذي يكفل الموازنة بين مصالحها ومصالح المجتمع.
البنوك السعودية تعتبر من بين أنشط المؤسسات على مستوى القطاع الخاص في المملكة العربية السعودية، في مجالات عمل وأنشطة المسؤولية الاجتماعية، التي تستهدف من ورائها دعم عجلة التنمية الوطنية ودفعها قدماً إلى الأمام، من خلال المساهمة الفاعلة في معالجة عدد من القضايا والمشاكل الاقتصادية، التي تعيق تقدم الاقتصاد الوطني وتحد من وتيرة نموه واستقراره.
من بين القضايا المهمة، التي تسهم فيها البنوك السعودية بفاعلية لدعم عجلة النمو الاقتصادي في المملكة، مكافحة انتشار البطالة بين الشباب من الجنسين، من خلال الاستمرار في استقطاب الكوادر الوطنية وتدريبها وتأهيلها التأهيل السليم للعمل في مجال العمل المصرفي، وما يؤكد على إعطاء البنوك السعودية الأهمية القصوى للسعودة وتوطين الوظائف، النمو المطرد الذي صاحب مسيرة التوظيف بالبنوك، حيث تضاعفت تقريباً نسبة الزيادة في أعداد الموظفين السعوديين خلال الفترة 2001 – 2010 ، حيث بلغت نسبة الزيادة في أعداد الموظفين خلال تلك الفترة نحو 94 في المئة، حيث قد كان عدد الموظفين السعوديين من الجنسين في عام 2011، 16573 موظفا وموظفة، في حين ارتفع هذا العدد بنهاية عام 2012، ليصل إلى 32156 موظفا وموظفة، وتجاوزت نسبة السعودة على مستوى القطاع نسبة 84 في المائة خلال الفترة نفسها، في حين تجاوزت تلك النسبة في بعض البنوك 90 في المائة.
وفي مجال التقنية البنكية حققت البنوك السعودية تقدماً مذهلاً يضاهي التقدم الذي حدث في دول صناعية متقدمة مثل الولايات المتحدة، وعدد من الدول في القارة الأوروبية، حيث تعتمد البنوك السعودية في تسيير معاملاتها البنكية وخدمة عملائها على أحدث أنظمة مدفوعات متوافرة على مستوى العالم، مثل النظام السعودي للتحويلات المالية السريعة والمعروف اختصاراً بـ ''سريع''، الذي يعد دون منازع أحد أحدث نظم المدفوعات والتسويات البنكية على مستوى العالم، والذي تم تصميمه وفقاً لمفهوم التسويات الإجمالية الآنية، محققاً بذلك ثورة في مجال الأعمال المصرفية الآلية والمعاملات التجارية في المملكة.
وتعد شبكة المدفوعات السعودية (SPAN)، التي تربط كافة أجهزة الصرف الآلي وطرفيات نقاط البيع في كافة أنحاء المملكة، من بين أحدث أنظمة المدفوعات على مستوى العالم، التي تتيح للعميل إنجاز عديد من العمليات المصرفية، بما ذلك سحب النقد من خلال أجهزة الصرف الآلي، ودفع قيمة المشتريات باستخدام أجهزة نقاط البيع. وأخيراً وليس آخراً، يعد نظام سداد للمدفوعات من أفضل الأنظمة الإلكترونية لعرض ودفع الفواتير والمدفوعات الأخرى إلكترونياً في المملكة العربية السعودية.
إن تجاوز البنوك السعودية تداعيات الأزمة المالية العالمية، التي حلت بالعالم في منتصف عام 2008، بأقل الآثار غير المباشرة، وعدم تعرض أي من المصارف لصعوبات مالية أو لحالة من حالات الإفلاس - كما حدث في عديد من دول العالم - يعد بحد ذاته إنجازا كبيرا للبنوك السعودية في مجال الاستمرارية والتنمية المستدامة، التي تطالب بها معظم تعريفات المسؤولية الاجتماعية.
علاوة على ما سبق، تقوم جميع البنوك السعودية بتنفيذ برامج متعددة في مجالات عمل المسؤولية الاجتماعية بإشراف إدارات متخصصة تتبع ادارياً لأعلى سلطة في البنك، ولديها ميزانيات مالية مخصصة للصرف على تلك البرامج، التي بينها ما هو متخصص في دعم القطاع التعليمي، والقطاع الصحي، ودعم المشاريع الصغيرة، والأسر المنتجة، والكراسي العلمية، والبيئة.
خلاصة القول، إن للبنوك السعودية اسهامات عديدة في مجالات عمل المسؤولية الاجتماعية المختلفة، التي لعل من بين أبرزها وأهمها، المساهمة الفاعلة في تقليص معدلات البطالة في المملكة بين الشباب والشابات، من خلال تبنى استراتيجية توظيف طموحة، تستهدف التعزيز من معدلات السعودة وتوطين الوظائف. كما أن تسخير البنوك السعودية أحدث أنظمة التقنية البنكية على مستوى العالم لخدمة العملاء على مدار الساعة، بهدف توفير الجهد والوقت عليهم، وتجاوزها تداعيات الأزمة المالية العالمية وما تبعها من أزمات مالية عالمية أخرى بأقل الأضرار، يعد إنجازا كبيرا في مجالات عمل المسؤولية الاجتماعية والتنمية المستدامة.
هذه النماذج وغيرها من مجالات المسؤولية الاجتماعية، التي تضطلع بمسؤولية تنفيذها البنوك السعودية على الوجه المطلوب، والمسكوت عنها في وسائل الإعلام المحلية، يجب أن تبرز بوضوح محلياً ودولياً، كونها تسهم بفاعلية في تحقيق مقاصد التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة ومبتغاها.