ورحل ريكارد
تحدث معي عدد ليس بقليل من الزملاء الذين يعرفوني عن قرب من مقالتي في الأسبوع الماضي والمعنونة بـ (البشكة 2) التي تختلف عن وجهة نظري المحايدة تماما كما قالوا لي، وكان محور حديثهم عن التعصب الكبير للأندية، الذي كان في المقالة ممن ذكرت أنهم أعضاء في البشكة، وكأنه حديث أن كل مشجع لناد يريد لاعبي فريقه كلهم للعب في المنتخب. وكان ردي للزملاء أن هذا هو بالتحديد ما أردت أن أوضحه، إن مصلحة الأندية هي التي طغت على المنتخب من قبل المشجع العادي والأمل بالله -عز وجل- ألا ينتشر التعصب ليشمل المسؤول أيضا.
أما بالنسبة لعنوان اليوم فأعتبره رأيا متأخرا يمثل ما في مخيلة وقلب عدد كبير من الجمهور الرياضي ممن يتابع الكرة الأوروبية من فترة تزيد عن خمس سنوات، حيث ترسخ الفكر الأوروبي من حيث اللعب والخطط الفنية والتدريب والنقل التلفزيوني والتغطية الميدانية والإحصائيات في الملعب وعلى الشاشة، وهناك ممن أمعنوا أكثر في الكرة الأوروبية فكانوا يتابعون حتى التحليل الرياضي باللغة الإنجليزية غالبا وبالفرنسية أو الألمانية للناطقين بها وبشكل نسبي.
هذا الجمهور بدأت معهم بوادر الفرح والسرور والتصحيح والتطور بداية مع إعلان التعاقد مع المدرب الهولندي الشهير فرانك ريكارد الذي يعتبر (ريكارد) امتدادا لعدد كبير من المدربين الهولنديين الذين اشتهرت أسماؤهم سواء ممن اخترع الكرة الشاملة وطبقها المدرب الهولندي الكبير (رينوس ميتشيل) وأجيال دربها هذا المدرب في السبعينات ومنهم لاعبون كبار ومدربون ومستشارون فنيون مثل المميز (يوهان كرويف) أو ممن استمر في التدريب مثل أري هان وليوبنهاكر وغيرهم.
وهناك جيل الهولنديين الجميل الذي حقق كأس أوروبا 1984 ودربهم (رينوس ميشيل) نفسه وأنتجت جيلا من المدربين بعد ذلك ومنهم ماركو فان باستن وفرانك ريكارد ورود خوليت وفرانك ديبور وغيرهم، وهناك ممن تواجدوا في الكرة العالمية كمدربين لهم إنجازات وتواجد كبير وهم: جوس هيدينك وجان فيبريك وغيرهم.
أعود للبداية وأن ريكارد كان المدير الفني الحلم بالنسبة لعدد كبير من المهتمين بالكرة السعودية ومطلعين بالكرة الأوروبية وتواجد أيضا من جهاز إداري مميز وعمل كبير حتى وإن كان يصحبه الكثير من تسليط الضوء والمؤتمرات الإعلامية الكثيرة نسبيا. بقي العنصر الثالث أو الضلع الثالث في المثلث وهو اللاعب المميز أو على الأقل اللاعب صاحب المستوى الثابت أو المستوى الجيد المستمر وللأسف هذا العنصر لم يتوفر بالشكل المطلوب لأسباب عديدة ليس مجال نقاشها الآن.
ولكن بدأت الأمور اللوجستية تسيطر على الجمهور والإعلام والوسط الرياضي من حيث ضخامة العقد ومدته والشرط الجزائي، وأن هناك مطالبات أرسلت لجهات عليا مالية لدفع الشرط الجزائي وأنه هو الحل الوحيد لإقالة ريكارد، وأنه يسكن البحرين (أولاد ريكارد يدرسون في مدارس عالمية في المنطقة الشرقية، ما يعني الاستقرار الذي بحث عنه المدرب) وإنه يبحث عن الإقالة وطلب ياسر القحطاني المعتزل الذي لم يتألق ويسجل في الدوري مع الهلال و...و..... وغيره حتى تمت الإقالة وعدنا لنفس المظهر السابق والسمعة السابقة عن الكرة السعودية التي تهدد المدربين دائما، وأكثر من ذلك فالمملكة العربية السعودية ظهرت في بعض الأوقات عاجزة عن دفع الشرط الجزائي للمدرب...؟
كفاية (من جد) كفاية القرار تم اتخاذه وحلم عدد من الجمهور، وهو عدد ليس بقليل، بالعالمية تدمر وعدنا للمدرب غير المعروف الذي يقود المنتخب، ولكن التفاؤل غير مفقود على الأقل بالكرة الإسبانية التي تعتبر الرائدة الآن في الكرة العالمية، بل وتعتبر هي الكرة الحديثة وما بعد الشاملة (ليس لها مسمى عالمي حتى الآن).
ولكن بنظرة للكرة الإنجليزية نجد أنها مع السويدي زفين قوران إريكسون كانت كرة منظمة جدا، ولكن مرت بنفس الظروف حتى إقالة إريكسون، وبعدها مع الإيطالي الكبير في التدريب فابيو كابيللو كانت كرة جميلة ومنتخبا قويا وبعدها مرت بنفس الأحداث أيضا وتمت إقالة كابيللو وظل عنصر اللاعب مثل ما هو لا يمس، لأن الموهبة صعب الحصول عليها (وهاتك يا دلع).