صناعة المعرفة والحلقة المفقودة!
تعتمد صناعة المعرفة على مثلث النجاح الذي يتكون من المجتمع والمؤسسات الأكاديمية والقطاعات الصناعية بنشاطاتها المختلفة. وبما أن صناعة المعرفة تتطلب التكامل والاتساق بين زوايا المثلث والذي يساعد في دفع عجلة التنمية الشاملة وردم الفجوة التي قد تعرقل المسير والتحول إلى اقتصاد معرفي نشط. حيث من الواضح أن هناك حلقة مفقودة تربط بين مخرجات البحث العلمي في المؤسسات الأكاديمية والقطاعات الصناعية، مفترضين أن المجتمع هو المحرك الأساسي لصناعة المعرفة.
ومن الملاحظ وجود ضبابية في توظيف مخرجات البحث العلمي لخدمة الصناعة في مجالاتها المختلفة والمهمة كالصناعات المتخصصة في الطاقة والتقنية. ومع توفر البنية التحتية الخصبة لدينا ووجود الموارد الطبيعية كمصادر أولية والموارد البشرية كمدخل في العملية المعرفية التي يلحقها البحث العلمي كإجراء يفترض أن يكون من خلال المؤسسات الأكاديمية، ومن ثم التطبيق في القطاع الصناعي والذي يمثل المخرج النهائي. ومن العوائق التي تؤثر في هذا الترابط تكمن في غياب المعلومة وصعوبة الحصول عليها كعنصر مهم لصناعة المعرفة، إضافة إلى عدم توجيهها التوجيه الصحيح واستثمارها في الصناعة.
وعلى الرغم من وجود دعم وتمويل حكومي للأبحاث الصناعية والتطبيقية لتشجيع البحث العلمي وتسريع إنتاج المعرفة، لكن لا تزال في حاجة إلى تلازم مع إستراتيجية الصناعة المحلية، والذي يساعد في تحويلها إلى السوق منتجًا نهائيًا. ولربط مخرجات البحث العلمي في صناعة المعرفة من خلال القطاع الصناعي يظل الإنسان اللاعب الرئيس باحثًا عن المعرفة في المؤسسة الأكاديمية، وهذا يتطلب توفير البيئة الملائمة للبحث والاستنتاج ومصادر وقواعد معلومات متنوعة في العالم الرقمي والذي يسهل فيه الحصول على المعلومة في عالم سريع المتغيرات والأرقام.
إن وجود منهجية واضحة توحد الجهود وتنسقها بين المؤسسات الأكاديمية والقطاع الصناعي للعمل في خطوط متوازية سيساعد في تحول سريع يدمج البحث مع التطبيق، والذي سيسهم في تسريع صناعة المعرفة وتحقيق الهدف المنشود الذي يتمثل في تنويع القاعدة الاقتصادية لدينا، التي ما زالت معتمدة إلى حد كبير على النفط ومشتقاته.
وفي واقع الحال، أننا في حاجة إلى الاستفادة من المخزون الفكري والبحثي في المؤسسات الأكاديمية وتوظيفها في قطاع الصناعة. ولا شك أن الطريق للتحول لاقتصاد معرفي ليس معبدًا ويسيرًا، كما يظن البعض، حيث يتطلب ذلك التنسيق المنهجي الذي يحتاج إلى دراسات وبحوث لتحليل الفجوة الحالية ووضع خريطة طريق واضحة للنهج الذي يسير عليه البحث العلمي للتكامل مع الصناعة والنهوض بصناعة المعرفة.