Author

«أسمنت الشمالية» .. والمهزلة!

|
مع طرح أسهم شركة أسمنت المنطقة الشمالية للاكتتاب العام، فمما لا شك فيه أن هذا الاستثمار سيكون جاذباً لعدة اعتبارات؛ منها أن الشركة بدأت الإنتاج فعلياً منذ عدة سنوات حققت خلالها أرباحاً جيدة للمساهمين وبالتالي انخفضت المخاطر بشكل كبير على المستثمرين الجدد؛ ومنها أن الاستثمار في قطاع الأسمنت في المملكة يحقق دائماً هوامش ربحية عالية جداً يندر أن نشاهدها في أي أصول استثمارية أخرى، بما فيها أسهم المصارف والشركات البتروكيماوية، نتيجة للدعم الحكومي ولانخفاض المصروفات التشغيلية ولقوة الطلب على مادة الأسمنت ولثبات أسعار البيع. لكن ما أثار استغرابي حقيقة هو أن نشرة الإصدار ذكرت أن عدد الأسهم المطروحة في الاكتتاب يبلغ 90 مليون سهم تمثل 50 في المائة من رأس المال طبقاً لنظام الشركة الأساسي، ووفقاً لما نصت عليه شروط رخصة استغلال خام الحجر الجيري من وزارة البترول والثروة المعدنية، وهذا مع الأسف غير صحيح إطلاقاً، حيث إن العدد الفعلي للأسهم المطروحة في الاكتتاب لا تتعدى 54 مليون سهم تمثل 30 في المائة فقط من رأس المال، بينما تمت تغطية عدد الأسهم المتبقية لعدد 36 مليون سهم، تمثل 20 في المائة من رأس المال من المساهمين المؤسسين، وهو ما يتعارض كلياً مع النظام الأساسي للشركة، ومع شروط الرخصة الصادرة من وزارة البترول والثروة المعدنية. للتوضيح أكثر، تنظر وزارة البترول والثروة المعدنية مشكورة منذ عام 2004م للثروات الموجودة في باطن الأرض، على أنها مملوكة مناصفة بين الدولة والمواطنين، ومنذ ذلك التاريخ أصبح لزاماً على أي شركة تأخذ امتيازاً لاستغلال الموارد الطبيعية في المملكة أن تطرح نصف أسهمها للاكتتاب العام حتى تتاح الفرصة لجميع المواطنين في الحصول على حقهم من الثروات الطبيعية، حيث التزم بهذا التنظيم جميع الشركات السعودية العاملة في القطاع البتروكيماوي والقطاع التعديني والقطاع الأسمنتي. أما أسمنت الشمالية، فهي حتى الآن الاستثناء الأول والوحيد في تطبيق هذا التنظيم دون تبرير منطقي يوضح سبب طرح 30 في المائة من الأسهم للأفراد عامة بدلاً من 50 في المائة! ويبقى التساؤل مطروحاً: ما هذه الفوضى؟ ومن أعطى المساهمين المؤسسين الحق في الاكتتاب لعدد 36 مليون سهم تمثل 20 في المائة من رأس المال، و40 في المائة من الأسهم المطروحة للاكتتاب العام؟ أليس هذا من حق المساهمين الأفراد فقط؟ ولماذا تطرح أسهم الشركة للاكتتاب طالما أن هناك التفافاً على الأنظمة من الأساس؟ وما رأي مسؤولي وزارة البترول والثروة المعدنية ومسؤولي هيئة السوق المالية أمام هذه المهزلة؟
إنشرها