افتحوا أبواب التوبة

''كل ابن آدم خطاء.. وخير الخطائين التوابون''.. هذا الحديث العظيم يتضمن ما نسميه الآن الأحكام البديلة.. فبدلا من سجن الجاني، علينا استبدال السجن بعقوبة بديلة .. فعندما ندخله السجن إنما نفتح له باب الجحيم .. وما أدراك ما يحدث في السجون .. خاصة إذا كان المحكوم عليه شاباً أو حدثاً لم يعرف من الحياة الدنيا إلا أقلها.
والكثير من دول العالم تتجه الآن إلى تطبيق العقوبات البديلة، أو ما أصبح يعرف بعقوبات النفع العام. فالحدث الذي أخطأ للمرة الأولى، يجب أن نفتح أمامه باب التوبة، وأن نساعده على إصلاح ذاته، فهناك متسع من العقوبات البديلة .. أن يحكم القاضي على الحدث بالعمل في قسم الطوارئ في أحد المستشفيات لمدة شهر مثلاً، وإذا كان الحدث الجاني طالبا في الجامعة مثلاً .. يمكن الحكم عليه بعمل بحث عن الجريمة، ونتائجها الخطيرة على المجتمع، ويمكن الحكم على آخر برفع الأواني لمدة شهر، أو الحكم بحفظ جزء ''عم'' من القرآن الكريم. والأبواب كثيرة التي فيها نفع للمجتمع، وتقويم للمخطئ، بحيث ندفع هؤلاء الجناة لأن يختلطوا بالمجتمع وأن يندمجوا فيه، بدلا من عزلهم عن المجتمع، والإساءة إلى أسرهم، والسخط على المجتمع من قبل الحدث الجاني الذي هو بشكل أو بآخر ضحية المجتمع، وضحية لسوء التربية من قبل الأسرة، والمدرسة، والمجتمع الكبير المحيط بكل تصرفات الشباب. إن الهدف الأسمى من تبني ''الأحكام البديلة'' هو حماية النشء من الضياع، وإنقاذ الشاب المخطئ من التحول من مواطن صالح ارتكب خطأ بسيطاً لا يؤثر في المجتمع إلى مجرم - لا سمح الله - إذا تم إرساله إلى السجن حيث يتعامل مع المنحرفين وأرباب السوابق، وبذلك تصبح إمكانية تحوله إلى مجرم يضاف إلى بقية المجرمين الذين تزدحم بهم السجون، وهذه مشكلة أخرى قد نتطرق لها مستقبلاً.
الأمل كل الأمل أن يقتنع قضاتنا الأفاضل بضرورة وأهمية ''الأحكام البديلة'' .. وأن يحكموا تبعاً لمستوى الجرم، ومستوى مرتكبه، ومراعاة صغار السن، فليست كل الجرائم على مستوى واحد من الخطورة، وأيضاً مستوى الشاب المنحرف الثقافي والاجتماعي، والاقتصادي، كل هذه العوامل يجب أن يضعها القاضي في حسبانه، فيكون الحكم على مستوى الجرائم، كذلك لا بد من تطوير آليات تنفيذ الأحكام البديلة، ومراقبة المحكوم عليهم، والتأكد من تنفيذ هذه الأحكام.. ولنا عودة لهذا الموضوع المهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي