استمع معي إلى الأسطوانة المشروخة
الأسطوانة المشروخة دليل على التكرار .. والإلحاح والملل .. والزهق .. وفي حياتنا العامة أكثر من أسطوانة مشروخة .. كررنا الحديث عنها حتى أصابنا الملل والزهق والقرف أيضاً. من هذه الأسطوانات أو من أشهرها .. نظام التلقين في التعليم وعدم جدواه واعتباره من أبرز أسباب التخلف العلمي والعقلي في حياتنا .. وليس هناك جريدة ولا مجلة ولا قلم لم يعرض لهذه القضية الاستراتيجية .. وطالبنا وطالب غيرنا بوضع مناهج جديدة تخاطب العقل وتحرك العاطفة، وتحوّل الطالب من معلق فقط إلى مفكر ومبدع كما هو الحال في العالم المتقدم .. وتحوّل النصوص إلى مادة واقعية وعلمية وليس مجرد مادة منقولة من الكتب القديمة التي فقدت صلاحيتها. ومن أشهر الأسطوانات المشروخة أيضاً مجاري ''جدة'' التي تطفح فتسبب الأمراض والأوبئة والوساخة والرائحة العفنة، فمنذ ربع قرن وأكثر ننادي ولا حياة لمن تنادي .. وفي كل سنة ترصد المليارات وتخصص الميزانيات ثم تختفي في المجاري ولا يظهر لها أثر.
ومن الأسطوانات المشروخة التستر التجاري، وما له من أضرار جسيمة على الاقتصاد، وعلى توظيف السعوديين، ومنها سوق الأسهم السعودية، ورغم حداثته نسبياً فإن العلل والأمراض التي أصابته جعلته يصل إلى سن الشيخوخة قبل ''الهنا بسنة''، وقد طالبنا كثيراً وأظننا سنظل نطالب بالشفافية في التعامل، ومعرفة الحقيقة، وهي حق أصيل للمساهمين، والمضاربين، وما حدث لشركة الاتصالات المتكاملة .. وما يحدث اليوم لشركة ''المعجل''، على سبيل المثال لا الحصر، دليل على استمرار غياب الشفافية في سوق الأسهم.
ومنها مشكلة المياه .. كيف تعيش مدينة مثل ''جدة'' المكتظة بالسكان بمياه تأتي وتروح (على كيفها) دون ''سيستم'' منضبط يضمن توافر المياه في الصيف والشتاء .. ويضمن وصول المياه إلى البيوت.
ومنها مشكلة الكهرباء التي تسير على عكازين وتنطلق أو تنقطع حسب الظروف وليس هناك خطة مقننة ومدروسة تضمن لشريان الحياة المعاصرة أن يظل يجري ليل نهار وبلا انقطاع.
ومنها العنف الأسري، وحقوق المطلقات ومشكلات السجينات السعوديات، وعمل المرأة والصعوبات التي تصادفها، والسعودة وما ينتج عن بطالة السعوديين من مشكلات لا حصر لها، والمخدرات، وانتشارها. والأسطوانات المشروخة كثيرة، كتبت منها ما خطر ببالي، ولعل عند القارئ أسطوانات أخرى! نحن على استعداد لنشرها، ومناقشتها وعلى الله قصد السبيل.