توقعات النفط العالمية لمنظمة أوبك 2012

في الثامن من الشهر الجاري قامت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بنشر توقعات النفط العالمية لعام 2035 للسنة الحالية (OPEC World Oil Outlook 2012). هذا وقد ركزت توقعات المنظمة على التحديات المختلفة التي تجابه أسواق النفط العالمية على المديين المتوسط والبعيد، بما فيها عدم اليقين على الطلب على النفط، وارتفاع تكاليف الإنتاج، والعمالة، وسياسات الدول الصناعية الكبرى بخصوص الأنظمة البيئية وبدائل الطاقة.
توقعات ''أوبك'' لهذا العام تشيد بدور الهند في نمو الاقتصاد العالمي. في هذا الجانب توقع تقرير المنظمة أن تظهر الهند كقوة اقتصادية عالمية جديدة خلال العقد المقبل، حيث إن نمو الطلب على النفط في قطاع النقل والمواصلات في الهند سوف يتفوق على نظيره في الصين.
الهند ستتفوق على الصين بوصفها أسرع اقتصاد نموا في غضون السنوات العشر المقبلة، حسب السيناريو المرجعي لتوقعات النفط العالمية لـ''أوبك''. حيث يتوقع التقرير أن يكون النمو الاقتصادي في الهند بين عامي 2012 و2035 مماثلا للنمو في الصين، بمعدل نمو سنوي 6.2 في المائة، لكن النمو الاقتصادي السنوي في الهند في الفترة ما بين 2021 و2035 سيكون 5.9 في المائة متجاوزا 5.4 في المائة في الصين.
النمو في الهند سيكون مدعوما بالتوسع الكبير في عدد سكان البلاد الذين في سن العمل، حيث ستظهر الهند كأكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان بحلول عام 2022. في حين من المتوقع أن يتراجع عدد سكان الصين الذين هم في سن العمل ابتداء من عام 2015. النمو السكاني الكبير، إلى جانب ارتفاع ملكية السيارات الشخصية واستخدام المركبات التجارية، سوف يؤدي إلى ارتفاع الطلب على النفط في قطاع النقل والمواصلات الهندي بمعدل نمو سنوي 7.6 في المائة في الفترة بين عامي 2009 و2020، وبمعدل نمو 6.3 في المائة للسنوات الخمس عشر المقبلة حتى عام 2035، متفوقا بذلك على النمو الصيني في الفترات نفسها التي من المتوقع أن يكون 5.9 و1.6 في المائة على التوالي. كما أن استهلاك النفط في قطاعات السكك الحديدية والبتروكيماويات الهندي سوف يتفوق أيضا على نظيره في الصين اعتبارا من عام 2020.
السيناريو المرجعي لتوقعات النفط العالمية لأوبك يتوقع ارتفاع الطلب على النفط في الهند من 3.6 مليون برميل هذا العام إلى 9.0 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2035، متفوقا بذلك على الطلب على النفط لجميع دول منظمة التعاون والتنمية OECD Asia لمنطقة آسيا. الطلب على النفط في الصين سوف يرتفع إلى 17.6 مليون برميل في اليوم من 9.8 مليون برميل في اليوم خلال الفترة نفسها. تفترض توقعات أوبك أن ينمو الطلب على النفط في البلدان النامية الآسيوية بمعدل 87 في المائة بحلول عام 2035، في حين سينخفض الطلب على النفط في بلدان منظمة التعاون والتنمية باطراد. أما الطلب على النفط في دول منظمة أوبك فيتوقع التقرير أن يرتفع بمعدل 50 في المائة خلال الفترة إلى عام 2035.
لكن حالة عدم اليقين المتزايدة لاقتصاد منطقة اليورو وتباطؤ النمو في البلدان النامية دفعت المنظمة إلى خفض توقعاتها على الطلب العالمي على النفط في السيناريو المرجعي بمعدل 1.0 مليون إلى 92.6 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2016. إن تباطؤ النمو الاقتصادي في المدى المتوسط وتوقع أسعار نفط أعلى مقارنة مع تقرير العام الماضي، دفع منظمة أوبك إلى خفض توقعاتها للطلب العالمي على النفط في السيناريو المرجعي بمعدل 2.0 مليون برميل في اليوم إلى 107.3 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2035.
على الرغم من ارتفاع الطلب العالمي على النفط بمقدار 20 مليون برميل يوميا بحلول عام 2035، أو بمعدل نمو في المتوسط يبلغ 0.9 في المائة سنويا، إلى 107.3 مليون برميل يوميا، إلا أن ارتفاع إنتاج النفط من خارج المنظمة من المتوقع أن يمثل أكثر من 75 في المائة من هذه الزيادة كما يشير التقرير، لذا الطلب على نفط المنظمة من المتوقع أن يبقى مستقرا في المدى المتوسط ويرتفع إلى 35 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2035. بناء على ذلك فإن حصة منظمة أوبك من النفط في السوق العالمية للنفط من المتوقع أن تصل إلى 36 في المائة بحلول عام 2035، وهذا يمثل تغييرا طفيفا عما هي عليه الآن.
إضافة إلى السيناريو المرجعي، ناقش تقرير منظمة الدول المصدرة للنفط ''أوبك''، سيناريو النمو الاقتصادي القوي، وسيناريو النمو الاقتصادي الضعيف وسيناريو الارتفاع الكبير في الإمدادات، ففي السيناريو الأول يتوقع التقرير أن يرتفع الطلب على نفط المنظمة إلى أكثر من 42 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2035، وفي السيناريو الثاني والثالث يتوقع التقرير أن ينخفض الطلب على نفط المنظمة إلى 25-26 مليون برميل في اليوم.
ويتوقع التقرير أن يغير إنتاج النفط من الصخر الزيتي Tight/Shale Oil من صورة إمدادات النفط العالمية، لكن التقرير يتوقع أن يتباطأ نمو إمدادات النفط من الصخر الزيتي الحجري بعد عام 2020 بسبب الانخفاض الحاد في إنتاجية الآبار، والقيود على عمليات الحفر والقيود البيئية.
في هذا الجانب يشير الأمين العام للمنظمة إلى أن إمدادات النفط من الصخر الزيتي لا تمثل تهديدا لـ''أوبك''، حيث يشير إلى أن الطلب على الطاقة سيرتفع بمعدل 54 في المائة بحلول عام 2035 لذلك هناك حاجة إلى جميع إمدادات الطاقة.
ويشير تقرير المنظمة إلى أنه على الرغم من حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي، إلا أن دولها الأعضاء لها خطط استثمار في 116 مشروعا استخراجيا بحلول عام 2016، هذه الخطط تتطلب استثمار ما مجموعه 270 مليار دولار، ومن المتوقع أن ترفع هذه الاستثمارات الطاقة الإنتاجية للمنظمة بنحو خمسة ملايين برميل في اليوم خلال هذه الفترة.
وبخصوص الموارد الطبيعية، أشار التقرير إلى أن هناك ما يكفي من الموارد النفطية لتلبية الطلب المستقبلي على النفط، حيث بيَّن التقرير أن تقديرات الاحتياطي ترتفع نتيجة التقدم التكنولوجي الذي يوفر إمكانات جديدة لتطوير الموارد التقليدية وغير التقليدية من النفط على حد سواء.
كما بيَّن التقرير أيضا تزايد الاعتماد المتبادل بين مختلف الأطراف في مجال الطاقة، ما يتطلب عملية حوار بناء وفاعل بين الجميع، مع التركيز على احتياجات ومسؤوليات كل من المنتجين والمستهلكين للنفط، المصدرين والمستوردين، البلدان المتقدمة والبلدان النامية على حد سواء.
كما تناول التقرير موضوعات أخرى مهمة مثل سياسات الدول الصناعية الكبرى في مجال الطاقة والبيئة، التحديات التي تواجه الصناعة النفطية، التوقعات المستقبلية بخصوص الصناعة التحويلية، الطاقات الجديدة والمتجددة، وغيرها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي