خطأ رئيس الهلال..
إذا كان هناك من لوم يوجه للأمير عبد الرحمن بن مساعد رئيس الهلال على مغادرة أسامة هوساوي للهلال إلى أندرلخت ومنه للأهلي وأحمد الفريدي للاتحاد، فهو سماحه للاعبين بدخول الفترة الحرة التي تجيز لهما التوقيع لأي ناد دون العودة للهلال ودون استفادته ماديا.
أما ما سوى ذلك، فإني أشد على يدي رئيس الهلال في قراره بوضع سقف أعلى لمقدمات عقود لاعبيه، منعا للمساومة، وتحقيقا لسياسة مالية واضحة ومحسوبة لا تقوم على التحدي والفزعات، وأشد على أيدي اللاعبين في كل الأندية في البحث عن العقد الأفضل.
أعجبني حديث الكابتن الفريدي للزميل ماجد التويجري حين قال: رئيس الهلال مؤتمن على أموال الأزرق وأنا مؤتمن على مستقبل أسرتي وتوفير حياة كريمة لها.. وفي قوله وصف دقيق للحالة.
لا يواجه عبد الرحمن بن مساعد عقد الفريدي فقط، أمامه التعاقد مع لاعب أجنبي بديل لهرماش في الفترة الشتوية، وأمامه تفاوضات قادمة قريبة مع أهم لاعبين في الفريق حاليا، العابد، الفرج ثم ياسر، وهذا يفرض سياسة واضحة مع جميع الأطراف تخضعهم لمعيار واحد يكفل للنادي السير وسط هذه المهمة المتعبة والخروج بأكثر المكاسب مقارنة بالخسائر.
وحري بالأمير الرئيس أن يؤمن ويؤكد للاعبيه أن في الهلال أشياء كثيرة لا تشترى بالمال، فهو ناد كبير، وعلامة رياضية فارقة في وسطنا، والانتماء له يحقق جزءا من تحقيق الذات وسط المجتمع الرياضي الكبير، وتشارك الهلال في ذلك أندية أخرى مع فوارق النسبة بينها.
في يوم ذهب، كنت قريبا من مغادرة ''العربية'' إلى قناة أخرى، وأعترف أنه بسبب عرض مالي ضخم جدا لا يمكن الصمود أمام إغراءاته، اجتمعت مع رئيسي قلت له: هذا المبلغ ولا أريد أن تفهمه مساومة. قال: مبلغ ضخم جدا لو كنت مكانك لأصابني ما أصابك من الحيرة، ولا أستطيع أن أدفعه لك ولا حتى 50 في المائة منه. وأكمل: لننسى أنني رئيسك وأنت تعمل تحت إدارتي ولنتحدث كأصدقاء، وتابع حديثه المليء بالحكمة: هناك أشياء لا يوفرها المال ولا يعوضها، وعليك أن تضع لها قيمة قبل اتخاذ قرارك. قلت: مثل ماذا؟ قال: من تريد أن تصل إليه من المتابعين، قيمة المنشأة التي تنتمي لها اجتماعيا وسياسيا ورياضيا في بلادك، وختم: جزء من جمال الورد طريقة تشذيبه وترتيبه والمزهرية التي يقدم فيها.
نعم المال مهم جدا، وقد يكون المعيار الأول للبعض والثاني أو الرابع لآخرين، لكن على رؤساء الأندية كلهم وليس عبد الرحمن وحده، أن يهتموا بقيمة أنديتهم المعنوية، عليهم أن يسعوا لتوفير أجواء جذابة للاعبين تحقق لهم العمل في بيئة منتجة يحكمها القانون، وعليهم أيضا أن يضعوا أنديتهم فيما تستحق من موضع تكفله القيمة التاريخية والشعبية والجماهيرية والاجتماعية، وأن يتفاوضوا مع اللاعبين ماليا بما لا ينقص من هذه المكتسبات شيئا، وحري بجماهير الأندية أن تسلك المسلك ذاته أيضا، فلا تصغر من كيانات فرقها أمام لاعب أيا كان.
في انتقال هوساوي والفريدي درس لكل مسؤولي الأندية، وليس لرئيس الهلال وحده، قبل أن ينتهي عقد أي لاعب بعام كامل، إما أن يجدد مباشرة أو يقدم لناديه عرضا ويغادر ويستفيد الأخير من مبلغ انتقاله، ويقلل في الوقت ذاته من مساومته ورفع الأندية الأخرى لعروضها، فمفاوضة لاعب حر تختلف تماما عن مفاوضة لاعب ناد. وفي فان بيرسي وآرسنال ومان يونايتد خير عظة وعبرة.