الدفاع عن القاتل
تداعى البعض للدفاع عن الأب الذي عذب ابنته ذات السنوات الخمس، الأمر الذي أدى لوفاتها، انتصارا لمظهر الصلاح الذي بدا على وجهه، خشية أن يكون في هذا إساءة للدين. الحق أن هذه معضلة تتكرر دوما. يخطئ قاض أو رجل يزعم الصلاح، فيتداعى البعض للتغطية على الأمر، بزعم أن هذا يمثل حماية لحياض الدين من تغول بعض من لا يضمرون خيرا للدين.
الحقيقة أن هذه الصيغة كانت سائدة في العصور الوسطى لدى الكنيسة المسيحية، التي كانت الجرائم ترتكب باسمها، وتتم التغطية على هذه الجرائم، باعتبار أن أسوار الدين لا يمكن المساس بها. ثم انكسر الجدار وانكشف الستار عن سلسلة جرائم بشعة في عصرنا الحالي. لكن شفافية التعامل معها وضعتها في إطارها الطبيعي باعتبارها جريمة بشرية لا علاقة لها بتدين هذا الشخص أو عدم تدينه.
وقد أسعدني تصريح وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، الشيخ صالح آل الشيخ حينما قال لـ ''الشرق'' الخميس الماضي: إن قاتل لمى لا يمكن أن يكون داعية كما لا يمكن أن يكون شيخا ولا يمكن لأحد أن يعلق على جريمته البشعة وأن يبررها.
إن الشفافية هي السور الذي يمكن من خلاله تقليص الفجوة بين القول والعمل، بين الادعاء وبين الممارسة الصادقة. لمى وسواها من ضحايا العنف، هي نتاج التزييف والتعتيم والنفاق الذي يقتل الحقائق بحجج ودعاوى تشرعن الجريمة من خلال تفسير مريض لدرء المفاسد.