هروب الفتيات
قضية هروب الفتيات من منزل الأسرة .. قضية لا ترقى إلى مستوى الظاهرة، ولكنها بالتأكيد تثير القلق والتوجس، ومن واجبنا أن ندق ناقوس الخطر لنعلن بأن هناك مشكلة، بل قنبلة موقوتة بيننا تهدد سمعة بيوتنا المحافظة، ونسارع بنزع فتيلها لكيلا تتفاقم وتصبح بمستوى الظاهرة.
ووفقا للإحصاءات السنوية شبه الرسمية فإن هناك من ألفين إلى ثلاثة آلاف حالة هروب يتم تسجيلها سنويا، حيث سجلت مكة المكرّمة أعلى نسبة هروب تليها الرياض ثم جدة.. وبلغت قضايا هروب الفتيات أقل من 20 سنة نسبة 19.5 في المائة.. وأسباب الهروب تتلخص في الخلافات الأسرية وما يتخللها من عوامل اضطراب أو عدم استقرار والإهمال الشديد أو العنف اللفظي والجسدي وضعف الوازع الديني والتفكك الأسري وطلاق الوالدين وعدم تلمس أولياء الأمور لمشاكل واحتياجات أبنائهم المسؤولين عنهم وما يترتب على ذلك من مشاكل أسرية ونفسية واقتصادية، وكذلك لا نغفل دور صديقات السوء وإهمال الحوار في الأسرة وتضخيم العقوبات والمبالغة فيها.
كل هذه الأسباب مجتمعة مع صغر سن الفتاة وعدم قدرتها على اتخاذ القرار الصحيح في لحظات الغضب والاندفاع تقرر الهروب وهي لا تلوي على شيء. والكارثة أن معظمهن يهربن بلا هدف أو مكان يتوجهن إليه ليواجهن جحيم الشارع ويصبح حالهن كمن يستجير من الرمضاء بالنار، أي من سيئ إلى أسوأ، من المعلوم إلى المجهول.. وأي مجهول .. لينتهي بهن الحال في المؤسسات المدنية أو الأمنية أو القضائية، وأحيانا يتم تسليمهن لأسرهن قصرا فتعاود الفتاة الهروب لأن الأسرة تعود للممارسات نفسها وربما أكثر.
المطلوب تكاتف الجهود بين الجهات المختلفة المدنية والمجتمعية والأسرة .. ولا نغفل دور وسائل الإعلام .. وللأسف الشديد، بات دور الإعلام سلبيا، خصوصا الفضائيات بما تصوره وتحدثه من تغييرات هائلة في أساليب التربية الأسرية التي ابتعدت كثيرا عن التربية الإسلامية والمعاملات الصحيحة.
ونؤكد على دور المدارس والجامعات والجمعيات والهيئات المتخصصة في احتواء هذه الحالات ونشر الوعي المجتمعي. وأخيرا توعية الوالدين بأهمية التربية بالحب والاحتواء وفتح قنوات الحوار المتبادل، هذا أفضل بكثير من أن تجد ابنتك خارج جدران بيتك لا تعرف عنها شيئا .. والعياذ بالله.