التخطيط المالي ومعدل الإنفاق للأسر

يعد الادخار معضلة تؤرق رب الأسرة في توفير مبلغ مقطوع يتناسب مع دخل الأسرة التي يعولها، ويضمن لهم مواجهة متطلبات الحياة الضرورية تغنيهم عن القروض المرهقة، ويختلف حجم الاستهلاك في معظم الأسر بجميع طبقاتها، خصوصاً الوسطى التي تمثل غالبية التركيبة السكانية لدينا. حيث إننا في حاجة إلى ثقافة الادخار في مجتمعنا خصوصاً ـــ الادخار الشخصي ـــ الذي يتطلب الموازنة بين الإنفاق والادخار للأسر وإيجاد خطط توفير للمستقبل والتي تهدف إلى تنظيم بين ما يحتاج إليه الفرد في الوقت الراهن وما قد يحتاج إليه لاحقاً.
مما لا شك فيه أن هناك عوامل مؤثرة في التغير النمطي للاستهلاك لدى الأسر كالتحضر والتغير العمري للأفراد ــــ النافذة الديموغرافية ـــ والتي يقل فيها مستوى الإعالة والإنجاب ويكثر فيها من هم في سن العمل ممن يفترض أن لديهم دخلاً ثابتاً ما يزيد من النمو الاقتصادي ومعدل الادخار لدى الأسر، إضافة الى أن زيادة الدخل المالي للأسر تسببت في زيادة حجم الاستهلاك لديها، وقد يتضح ذلك في مظاهر الإسراف لدى الأسر في شراء السلع الغذائية الفائضة للمنازل ما يفقدنا ثقافة التسوق والتي تتباين عندما يشتري رب الأسرة ما يفيض عن حاجة أسرته، التي استبدلت معظم الوجبات المنزلية في المطاعم والمقاهي الخارجية والتي تحولت إلى ضرورة لدى الأسر في تبادل التجارب والتوصيات للأطباق العالمية من شتى بقاع الأرض.
بطبيعة الحال هنالك صعوبات وتحديات قد تواجه الأسر في الادخار، لعل من أهمها التحديات الاجتماعية التي تعتمد المقارنة بالغير في الكماليات، ما يؤثر في معدل الادخار للأسر. لذلك قد نجد غالبية الأسر تجد صعوبة في إدارة مواردها المالية مما يشكل عائقاً في تخصيص مبلغ ثابت يستقطع شهرياً للادخار نتيجة لعدم المواءمة بين أولويات الحياة وما هو ثانوي. حيث يعتبر أغلب الأسر خصوصاً الموظفين في القطاعين العام والخاص منهم أن الراتب بمفهومه معاشاً وجد لاستهلاكه كاملاً ولا يكفي للادخار.
مفهوم الادخار لدى الأسر شبه غائب وبدأ يتلاشى في الأسر الصغيرة والتي قد تحتاج إلى الادخار والتوفير أكثر من الأسر الكبيرة سابقة العهد نظرا لارتفاع أسعار المساكن والتكاليف المعيشية. حيث يعتبر توفير 10 في المائة إلى 30 في المائة من دخل الأسر قد يغنيهم الاقتراض من الشركات أو البنوك والتي قد تكلفها أضعافا مضاعفة بشكل تراكمي. مع الأسف بعض الأسر في حاجة إلى موازنة بين الادخار والاستهلاك والابتعاد عن ـــ الاستهلاك الفائض ـــ الذي يسيطر على مصروفات أغلب الأسر وتجنب الإسراف التي قد يغرق الأسر في القروض المستمرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي