التنبؤ بالأزمة الغذائية وحلول الأمن الغذائي
على الرغم من قلة المياة المتوافرة لدينا لزراعة الأغذية داخليا، خصوصا المنتجات الأساسية للغذاء كالقمح والأرز والذرة والشعير، إلا أن التاريخ يعيد نفسه، فالتحذيرات الصادرة من منظمة الأمم المتحدة للغذاء والزراعة ''فاو'' من حدوث أزمة غذائية قادمة كالتي حدثت في 2007- 2008، وشهدت ارتفاعاً في أسعار الغذاء العالمية، ما يشير إلى احتمالية وجود أزمة غذائية محتملة ناتجة عن موجة الجفاف في حقول محاصيل الحبوب في كل من روسيا وأمريكا. وأشارت ملاحظة خبراء الغذاء العالميين إلى أن هناك تذبذبات في أسعار السلع الغذائية في الأشهر الماضية، ما يثيرالقلق حول الأمن الغذائي العالمي، الذي يتطلب المضي قدما في تفعيل خطط المخزون الاستراتيجي للسلع.
حيث يعد الأمن الغذائي من أهم القضايا حساسية على المستوى العالمي، التي تقتضي محاربة الجوع حول العالم، ما يحتم علينا وضع استراتيجية واضحة المعالم للأمن الغذائي في المملكة والإسراع بعمل خطة طوارئ عاجلة لمواجهة الأزمة الغذائية المتوقعة برؤية وخطة عمل مفصلة ومؤطرة بمشاركة بين القطاع الخاص والمزراعين والمؤسسات الحكومية ذات العلاقة، ما يساهم في الموازنة والتقليل من المخاطر المحتملة من نفاد السلع الغذائية الأساسية. ومن المهم أن تكون هناك منهجية للعمل واضحة تقوم بدراسة الأسواق العالمية الغذائية ومؤشراتها ووضع نظام إلكتروني، الذي يساعد على تأسيس قاعدة بيانات ترصد الارتفاع المطرد في السلع الغذائية وتقدم الإحصائيات والمعلومات عن كل التغيرات السعرية والكمية في الأسواق الغذائية محليا وعالميا ما يدعم اتخاذ القرارات من خلال الاستشراق المستقبلي ورصد التنبؤات.
ويتطلب تحقيق الأمن الغذائي في المملكة تأسيس نظام معلوماتي قادر على جمع المعلومات والبيانات العالمية بدقة، ويكون متاحاً لأصحاب المنفعة من مزراعين ومنتجين في قطاع الأعمال الزراعي كشريك أساسي مع القطاع العام في التخطيط وتحديد الاحتياجات الكافية للسوق ورسم السياسات الزراعية والمشاركة في صنع القرار وتأمين المخزون الاستراتيجي للسلع والذي يساعد على مواجهة تقلبات أسعار الغذاء المستقبلية. وهذا في مجمله يتطلب خطوات استباقية للأزمات فمن خلال تنويع مصادر الواردات الزراعية من الخارج سيساعد على الاحتفاظ بمخزون غذائي كاف لمواجهة الأزمة الغذائية المحتملة.
في الختام، إننا في حاجة إلى تنويع مصادر وارداتنا والبحث عن بدائل من الدول المماثلة، ولتكن في دول أمريكا اللاتينية بعقود طويلة آجلة للسلع الأساسية، التي ستسهم في انخفاض الأسعاروسد العجز الذي سيوازن المعروض في الأسواق عالميا نتيجة انقطاع الإمدادات الروسية والأمريكية من الغذاء.