جمعية زمزم للخدمات الصحية.. أنموذج للعمل الخيري

في الحديث الشريف الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ''اسألوا الله العفو والعافية فإن أحدا لم يعط بعد اليقين خيرا من العافية''، عافية الأبدان مطلب الجميع ومن دونها لا يجد أحدنا لذةّ لنعمة المال والجاه وغيرها من النعم، لذلك فإن السعي لعلاج المرضى من أجل القربات إلى الله، خاصة الفقراء والمحتاجين الذين لا يستطيعون تحمل التكاليف الباهظة للخدمات الطبية. ومن هنا جاءت أهمية تأسيس جمعيات خيرية تهتم بعلاج المرضى مجاناً، وتسعى للتوعية الصحية الوقائية، وهذا ما تقوم به جمعية زمزم للخدمات الصحية التطوعية في منطقة مكة المكرمة، التي تأسست عام 1425هـ تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية، وذلك إثر جهود مخلصة من المؤسسين، الذين رأوا الحاجة المتزايدة إلى مثل هذا العمل الصحي التطوعي في منطقة تعتبر قلب العالم الإسلامي ومنبع ماء زمزم، ومن هنا جاءت تسميتها بهذا الاسم.
وجمعية زمزم للخدمات الصحية على الرغم من حداثة تجربتها التي تجاوزت ثماني سنوات بقليل، بدأت نشاطها وهي تصبو إلى التميُّز وتعمل على تحقيقه فكان لها منه نصيب وافر، وإن من أبرز معالم تميُّزها ما يلي:
أولاً: التركيز على مجال ومنطقة محددة والإبداع في هذا المجال غير المسبوق، فهي لم تخرج عن العمل الصحي التطوعي، وفي منطقة مكة المكرمة من خلال تقديم الرعاية الصحية بمختلف أنواعها لذوي الاحتياج آخذين في الاعتبار الجهود الوقائية والتوعوية والدراسات العلمية، ساعين إلى أن يكونوا النموذج الرائد للرعاية الصحية الخيرية والتطوعية، متخذين قيما مؤسسية تنم عن تبني معالم التميُّز من الاحترافية والجودة مع سهولة الإجراءات بصورة مؤسسية، مطبقين المعاملة الحسنة مع التمسك وتطبيق الهدي الإسلامي في الصحة والمرض.
ثانياً: المهنية والاحترافية الإدارية المتميزة
تبنت جمعية زمزم في استراتيجياتها التخطيط الاستراتيجي كمنهجية واضحة لتميزها مع تفعيل خططها وتطويرها، خاصة مع انتهاء الخطة الاستراتيجية الخمسية الأولى، التي حققت بفضل الله- تعالى - الطموحات المأمولة منها، وبدء العمل بتنفيذ الخطة الخمسية الثانية. وما يدل على تميُّز جمعية زمزم اهتمامها المتنامي بأبرز مرتكزات التميُّز، ألا وهي جودة الإدارة والعمليات كمنطلق أساسي لنجاحها منذ تأسيسها كي تكون ذات ريادة في نشاطها، فكان لها ما أرادت بحصولها على شهادة الآيزو 9001:2008 في جميع أنشطتها كأول جمعية خيرية في المملكة في مجالها، مع تركيزها على منهجية استثمار رأس المال البشري من خلال فريق عمل مؤهل لإدارة وتشغيل وتنفيذ مهام وأهداف الجمعية باحترافية، مع تبني الجمعية مبدأ الشراكة مع كل القطاعات الرسمية والخاصة والخيرية كعنصر أساسي في جميع تعاملاتها.
ثالثاً: تحقيق نتائج كبيرة وذات تأثير إيجابي في الفئة المستهدفة من خدماتها
بادرت منذ تأسيسها بإقامة برامج ميدانية ذات شمولية لجميع فئات المجتمع المستهدفة في منطقة مكة المكرمة من الرجال والنساء والأطفال في المدن والمناطق النائية، ما ساهم - بفضل الله تعالى - بشكل مباشر في تخفيف معاناة المرضى من الفقراء والمحتاجين. وإن من أبرز الإنجازات التي حققتها الجمعية خلال عمرها القصير التي وصل إجمالي ما أنفقته عليها منذ تأسيسها ما يزيد على 55 مليون ريال سعودي كالتالي:
• تم تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 42 ألف مريض من خلال المشاريع المختلفة التي تتبناها كمشروع العلاج الخيري ومشروع الأمومة والطفولة ومشروع الصيدلية الخيرية والقوافل والجولات الطبية.
• بناء مجمع عيادات زمزم في مكة المكرمة وتشغيل صيدلية زمزم الخيرية.
• القيام بزيارة المرضى في المستشفيات، خاصة في وقت الأعياد، للتخفيف عنهم ومشاركتهم الفرحة، فقد قامت الجمعية ممثلة في العاملين فيها بزيارة قرابة أربعة آلاف مريض في أكثر من 15 مستشفى مع تقديم بعض الهدايا العينية.
• تسيير أكثر من 40 قافلة طبية في مناطق وقرى عدة شارك فيها أكثر من 370 طبيباً.
• القيام بالعديد من الحملات التوعوية التي تساهم في رفع مستوى التوعية الصحية لدى أفراد المجتمع كان من أبرزها حملة مرض العصر (السكري)، حيث قامت الجمعية بتوزيع أكثر من 150 ألف مطبوعة بشكل ورقي أو أقراص الحاسب الآلي. كذلك قامت الجمعية بحملة حمّى الضنك في المدارس الثانوية للبنين والبنات وقامت بتقديم مادة تثقيفية جيدة بعدد نصف مليون مطبوعة. ومن الحملات التي تهتم بها الجمعية وتركز عليها الحملات الموسمية كصحة الصائم في رمضان وحملة صحة الحاج التي يتم فيهما توزيع ملايين عدة من المطبوعات.
• ومن الإنجازات التي حققتها الجمعية ملتقى زمزم الصحي الذي يستضيف بعض نخب المجتمع ليقدموا معلومات نافعة وقيمة في الجوانب الصحية لاقت استحسان الحضور الذي يشكل العديد من شرائح المجتمع ومن ضمنه الأطباء. وعلى الرغم من إقامة خمسة ملتقيات إلا أن النفع المترتب عليها يشجع الجمعية على إقامة المزيد من المناسبات والملتقيات، بل المؤتمرات التي تخاطب شرائح المجتمع بأسلوب فاعل يفهمه ويستفيد منه.
رابعاً: الحصول على العديد من الجوائز المحلية والشهادات العالمية
توجت الإنجازات التي حققتها الجمعية بحصولها على العديد من الجوائز المحلية والشهادات العالمية من أبرزها على سبيل المثال لا الحصر حصول الجمعية على جائزة الأمير محمد بن فهد لخدمة أعمال البر لعام 1432هـ في فرع الاستثمارات والمساهمات في مجال البر. وأيضاً حصولها على المرتبة التاسعة في مؤشر الجمعيات الخيرية الأكثر شفافية في العالم العربي، التي أعلنت عنها مجلة ''فوربس- الشرق الأوسط 2011'' من ضمن 61 جمعية من الجمعيات الخيرية في العالم العربي، التي لم يصل للمراكز العشرة الأولى من المملكة إلا جمعيتا زمزم وإنسان.
وهذه النجاحات والإنجازات لم تأت صدفة، فهي بعد توفيق الله - عز وجل - نتيجة لجهود إدارة الجمعية من الأطباء الفضلاء وبعض رجال الأعمال الذين حملوا على عاتقهم أمانة صيانة المجتمع من الأمراض والمساهمة في تخفيف المعاناة عن المرضى الفقراء والمحتاجين من مواطني ومقيمي منطقة مكة المكرمة أو الزائرين لها، مع توافر الدعم السخي من رجال الأعمال وبعض المنشآت الوطنية التي تساهم بدورها في المسؤولية الاجتماعية. وهنا أجدها فرصة سانحة لتذكير التجار والمنشآت بتقديم المزيد من الدعم المادي لهذه الجمعية، حتى تقوم بتحقيق أهدافها بصور أكبر وأفضل.
سائلاً الله أن يبارك في جهود كل هؤلاء وأن يبارك في جمعيتنا المتميزة وبقية جمعيات العمل الخيري التي تقوم بخدمة المجتمع وأفراده بتوجيه ورعاية من ولاة أمرنا - وفقهم الله - لكل خير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي