لو كان الفقر رجلاً!
الفقر .. ذلك الداء الذي يتفشى في كل المجتمعات، مرفوض في مجتمعاتنا الإسلامية، فالإسلام يقف موقفا حازما من قضية الفقر .. ولذلك يقول الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه: ''المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا''. وترجمة هذا الحديث الشريف تعني أن المجتمع الذي ينتشر فيه الفقر، هو مجتمع ضعيف، فالبنيان إذا كان جانب منه ضعيفا فالمؤكد أنه معرَّض للانهيار، وكذلك المجتمع، فالفقر يورث الحقد، فالفقير ينظر إلى الغني بالكثير من الحسد والحقد. وحتى يتقي الغني هذه النظرة فعليه أن يعين الفقير على فقره .. ولذلك يقول سيدنا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه: ''أعجب لرجل لا يجد قوت يومه ولا يخرج على الناس شاهرا سيفه''، وهذه حقيقة .. لكن هل الفقير هو الذي يصنع فقره؟
الاقتصادي محمد يونس مؤسس بنوك الفقراء، له قول بديع وصحيح، يقول محمد يونس: ''الفقر لا تصنعه أيدي الفقراء، فالذي يصنع الفقر هو النظام الاقتصادي والاجتماعي''. وهذه حقيقة. ولا توجد جريمة إلا وأحد أسبابها الفقر، فالفقر يدعو للانحراف سواء كان الانحراف سرقة أو اختلاسا أو رشوة أو أي انحراف أخلاقي. ولذلك أيضا يقول سيدنا علي - رضي الله عنه: ''والله لو كان الفقر رجلا لقتلته''. فإذا انتفى الفقر انتفت جرائم كثيرة، الفقر أحد أسبابها.
وهذه دعوة للوقوف أمام الفقر، والوقوف أمامه لا يكون إلا بسد حاجة الفقراء، ولن يتم ذلك إلا عن طريق التبرع للجمعيات الخيرية المنتشرة في أنحاء المملكة. وإذا كنا دائما نحث الأغنياء على التبرع فإنني أضيف هذه المرة دعوة الطبقة المتوسطة للتبرع ولو بعشرة ريالات. ذلك أن عدد الطبقة المتوسطة أكثر كثيرا من أغنياء المملكة الذين أعرف أنهم لا يتأخرون عن التبرع للجمعيات الخيرية التي ترعى الفقراء وتعينهم على فقرهم.
ذلك أن التبرع بهذا القدر اليسير، وهو عشرة ريالات، سيؤدي في المجموع إلى جمع ملايين الريالات التي يمكن أن تسد حاجة الفقراء، خصوصا في هذا الشهر الكريم، وهو شهر له خصوصية يجب ألا يتمتع بها القادر فقط، لكن يجب أن يتمتع بها المحتاج أيضا. ''والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه''، ''ومن فرّج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة'' كما جاء في حديث أعظم الخلق سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام.
همس الكلام:
''لا تظن أنك تُحسن إلى الفقير بمنحه نصيحة''.