«المقيِّمون العقاريون».. الضوابط والمعايير أولاً
يعتبر قرار مجلس الوزراء الذي صدر أخيرا باعتماد هيئة وطنية للتقييم العقاري إضافة نوعية لسوق التثمين العقاري في المملكة. ولا شك أن الركود العقاري الذي تشهده المملكة حالياً المتسبب فيه هو الارتفاع المبالغ فيه لأسعار الأراضي والأصول العقارية. حيث تعتبر هيئة المقيِّمين العقاريين الغطاء القانوني والتشريعي والتنظيمي لسوق العقار في المملكة لما ستستند إليه في تقديم منهجية علمية مقننة وواضحة يتم من خلالها تقييم الأصول العقارية في المملكة.
إن تأسيس هيئة لتقييم الأصول العقارية سيساعد على خفض التلاعب بالأسعار والمضاربة في السوق والتقييم العشوائي، لكن نحتاج إلى ضوابط ومعايير يتم من خلالها ضبط سوق التثمين العقاري من جهة وتأهيل المقيم العقاري من جهة أخرى. حيث يعتبر القطاع العقاري سوقا خصبا للمستثمرين كثاني أكبر سوق اقتصادية في المملكة بعد القطاع النفطي، ويعد فرصة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة لمزاولة التقييم العقاري تحت مظلة قانونية وبيئة تشريعية.
لذلك يفترض أن يتم وضع ضوابط ومعايير لضبط سوق العقار من خلال تأهيل كادر متخصص في تقييم الأصول العقارية والتثمين ليكون ملماً بالأسس والمفاهيم من النواحي الهندسية والجغرافية والمالية والتشييد ومواد البناء ليكون التقييم عادلاً ولا يبخس الأصل العقاري قيمته السوقية. حيث إنه – مع الأسف - معظم المقيمين في السوق العقارية ليسوا مؤهلين علمياً وتقييمهم اجتهادي وعشوائي وليس مستنداً إلى أسس علمية واضحة لعدم وجود مراكز تأهيل وتدريب معتمدة أو جامعة تدرس أو تخرج مقيِّمين عقاريين. إن وجود مقيِّمين مؤهلين ومعتمدين سيساعد الهيئة على تنظيم سوق العقار، وبالأخص التثمين العقاري وأنظمة الرهن العقاري في المملكة لما لها من أهمية في الوقت الحالي. إضافة إلى أن هناك معايير واشتراطات يتطلب أن تتوافر في المقيِّم العقاري من مؤهلات ومعرفة بالسوق وخبرة بالعمل سابقة، إضافة إلى الحيادية والأمانة والشفافية أثناء عملية التقييم العقاري.
لا شك أن تأسيس هيئة للمقيِّمين العقاريين سيسهم في تنمية وتنظيم السوق العقارية في المملكة، وسيضيف لوائح وأنظمة لمزاولة مهنة التقييم العقاري، لكن نحتاج من الهيئة إلى الوقوف أمام ارتفاع أسعار العقار الحالية والعمل على تشجيع المستثمرين الصغار للاستثمار والاندماج تحت مظلة واحدة لإنعاش وتنشيط سوق التثمين العقاري وخلق مبادرات تطويرية للسوق العقارية في المملكة. ولن يتم هذا إلا من خلال عصف ذهني وتصور واضح ووضع ضوابط ومعايير لضبط السوق العقارية أولاً بإشراف مختصين يشرفون على عمليات التقييم المبني على أسس علمية وواضحة وليس على تخمين وشائعات.