عبد العزيز العياف.. تجربة تستحق التوثيق والاستفادة منها
إدارة وتنمية المدن، خصوصا المدن التي لا تعتمد على ميزانية واضحة، ولا تملك القدرة الكاملة على تنسيق مشاريعها الخدمية وتحقيق التكامل في أداء العمل بين مختلف الإدارات والأجهزة المعنية بالبنية التحتية والمرافق والخدمات العامة، إضافة إلى العديد من المشكلات التي تعانيها المدن سريعة النمو العمراني والسكاني مثل مدينة الرياض، التي تعتبر الأسرع نموا على مستوى مدن العالم، تعتبر تحديا حقيقيا لمن يتولى مثل هذه المسؤولية مع ما تصاحبها من تدخلات وتشابكات في الإدارة والتنمية، ولقد نجح الأمير الدكتور عبد العزيز بن محمد بن عياف آل مقرن في الأخذ بتنمية وإدارات التنمية العمرانية في مدنية الرياض خلال عدد من السنوات إلى التطوير التنموي السليم والواضح.
لقد حقق الأمير الدكتور العياف المعادلة الأصعب لتحقيق هذا التوازن التنموي لمدينة الرياض بين السماح للمدينة بالنمو العمراني السريع والطبيعي وفي الوقت نفسه معالجته كل متطلبات المدينة من المرافق والخدمات والطرق والتطوير بشكل متوازن، وحقيقة أن وجود مثل الأمير سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - كأمير لمنطقة الرياض خلال تلك الحقبة يعتبر الداعم الأول والأساسي لهذا النجاح من خلال إدارة الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بكل اقتدار ووضوح مع وجود المعاونين الأكفاء ضمن فريق الهيئة والأمانة، إلا أن النجاح الذي يذكر ويشكل للأمير الدكتور عبد العزيز العياف هو القدرة على تحقيق التكامل والتعاون بين الأمانة والهيئة كجهازين تخطيطيين وتنفيذيين في مدينة واحدة وعدم وقوفه موقفا سلبيا في وجه جهود الهيئة أو غيرها من الجهات الأخرى التي تعمل على تطوير وتنفيذ المشروعات في مدينة الرياض، كما حدث ويحدث في بعض المدن السعودية وغيرها من مدن العالم التي تشارك مدينة الرياض في بعض ظروفها.
إن نجاح تجربة الأمير الدكتور العياف في إدارة وتخطيط وتنفيذ المخططات والمشروعات في مدينة الرياض مع كل ما صاحبها ويصاحبها من معوقات مالية وإدارية ونقص في الكفاءات سواء ضمن الجهاز أو في الأجهزة الحكومية الأخرى أو القطاع الخاص تستحق الوقوف على هذه التجربة وتوثيقها الاستفادة من كل الخطوات الإيجابية فيها سواء القادم الجديد لأمانة مدينة الرياض المهندس عبد الله المقبل، وهو كفاءة وطنية سعودية متميزة تملك الخبرة الفنية والإدارية التي يشهد له بها الجميع، وأيضا ليستفيد من هذه التجربة الناجحة بقية أمناء ورؤساء بلديات المدن السعودية وغير السعودية لأنها تجربة ثرية ومليئة بالكثير من التحديات التي تستحق الدراسة والتحليل والاستفادة.
إن وجود نماذج إدارية تنموية ناجحة في المملكة العربية السعودية، خصوصا في المجال البلدي، أمر ليس بالسهل، وهي حالات قليلة، خصوصا مع حجم مدينة مثل مدينة الرياض بأهميتها السياسة والاجتماعية والاقتصادية والبيئية، ولهذا فإن أهمية توثيق التجربة من الناحية الأكاديمية والإدارية والعملية أمر في غاية الأهمية حتى نقدم للجيل الحالي والقادم النماذج التي تساعدهم على النجاح، وهو ما نحن في أمس الحاجة إليه اليوم مع ما تشهده وستشهده - بإذن الله - مختلف مناطق ومدن المملكة من نهضة تنموية تحتاج إلى حسن إدارتها وإدارة مواردها ومشاريعها بما يضمن تحقيق أعلى العوائد التنموية لهذه الموارد والمشروعات، خصوصا مع المتغيرات الاقتصادية العالمية وما قد يواجه تنمية وإدارة المدن من صعوبات ومعوقات مالية وإدارية كثيرة ومتغيرة.
إن أهمية رصد التجارب والنماذج السعودية الناجحة في مختلف مجالات العمل وعلى رأسها العمل البلدي الذي يفتقر إلى وجود مثل هذه النماذج الوطنية المتميزة، أمر ضروري وواجب وطني حتى لا نفقد مع الوقت الخطوات العملية التي تم استثمارها من أجل هذا النجاح وتذهب مثل هذه الكفاءات الوطنية وتجاربها في مهب الريح كما حصل ويحصل مع العديد من النماذج الوطنية المتميزة التي ينتهي بها مطاف العمل إلى التقاعد دون الاستفادة المنصفة من جهودهم وتجاربهم وجعلها نموذجا تدرس في الجامعات والمعاهد ذات الصلة ويحتذى بها من أجل تحقيق النجاح الوطني الشامل لكل أجزاء الوطن السعودي الغالي.
إن المنصف لجهود الأمير عبد العزيز بن محمد بن عياف آل مقرن أمين مدينة الرياض السابق ليشاركني الرأي في أهمية التوثيق والاستفادة من التجربة، وللإنصاف في نهاية هذا المقال، وخلال أكثر من سبع سنوات بعد تركي مدينة الرياض بسبب العمل، وخلال زياراتي المستمرة وغير المتباعدة لمدينة الرياض يلاحظ التطور العمراني المدروس والممنهج لتنميتها وتنفيذ المشاريع الخدمية والتنموية فيها، وهذا الجهد يجعل الإنسان يحس بالسعادة لهذا التطوير الحميد لمدينته المحبوبة ويقدر ويشكر القائمين عليها، ويكون الأمر أكبر عندما تكون التجربة مهمة وشاملة والوطن كله في أمس الحاجة إليها، ولهذا أتمني على منه أولا ثم من العلماء والباحثين والدارسين للشأن التنموي العمراني والخدمي أن يحرصوا على توثيق التجربة وجعلها متاحة للأجيال الحالية والقادمة للاستفادة منها، وهذا لا يمنع من دراسة السلبيات أيضا لتعزيز الاستفادة.
وأخيرا لعل الإنسان المنصف الواعي المدرك ليدرك أن مدينة الرياض خلال السنوات الماضية عاشت تنمية عمرانية تخطيطية هندسية ومعمارية متميزة يقف خلفها بالفكر والرأي والجهد الأمير الدكتور المهندس العمراني المعماري عبد العزيز بن محمد بن عياف آل مقرن الذي يذكر ويشكر له هذا الجهد المبارك، والمفرح أن المرحلة القادمة مع الأخ المهندس عبد الله بن عبد الرحمن المقبل الذي ربما خسرناه كهامة وطنية متميزة في مجال تخطيط وتنفيذ الطرق على مستوى المملكة، لكننا بكل فخر كسبناه ككفاءة إدارية وتنموية لخدمة الرياض المدينة والمنطقة، وهما في أمس الحاجة إليه خلال الفترة القادمة فجعله الله خير خلف لخير سلف، كما أسأل الله التوفيق والسداد لكل من يعمل من أجل وطن سعودي الانتماء، عربي اللسان، إسلامي المعتقد، عالمي الطموح.
وقفة تأمل
ست بليت بها والمستعاذ به
من شرها من إليه الخلق يبتهل
نفسي وإبليس والدنيا التي فتنت
من قبلنا والهوى والحرص والأمل
إن لم تكن منك يا مولاي واقية
من شرها فقد أعيت عبدك الحيل