هل تتحرك الصناديق السيادية نحو الاستثمار الصناعي في 2012؟

تعتمد دول مجلس التعاون الخليجي على النفط كمصدر أساس للدخل على الرغم من أن بعضها يشهد محاولات حثيثة لتنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط كرافد أساس للإنفاق والتنمية، وهذا القدر ثابت ومعروف لدى المعنيين بالشؤون الاقتصادية الخليجية فضلا عن عامة الخليجيين، وقد تحققت دول المجلس فوائض قياسية في ميزانية عام 2011 بسبب ارتفاع أسعار النفط عالمياً، حيث تقيم متوسط سعر البرميل في ميزانيات دول الخليج بين 50 و60 دولاراً للبرميل، وبلغ متوسط سعر للبرميل في الأسواق بين 80 و90 دولاراً، أي بنسبة زيادة تقارب من نحو 45 في المائة عن الميزانيات.
ففي دولة الكويت ـــ على سبيل المثال لا الحصر ـــ سجل فائض في الميزانية ـــ لغاية الربع الثالث من 2011 ـــ نحو 29.9 مليار دولار تقريباً، وفي السعودية تم تسجيل 33.8 مليار دولار تقريباً، أما في دولة قطر فقد تم تسجيل نحو 8.5 مليار دولار تقريباً، وجميعها أرقام قياسية في فوائض الميزانيات، وسيصب جزء منها في مشاريع البنية التحتية على غرار ما يحدث في قطر من استعدادات لاستضافة نهائيات مونديال 2022 وسيذهب الجزء الآخر إلى الصناديق السيادية.
في عام 2010 نشرت إحصائية متخصصة أن أكبر صندوق سيادي يترع على قائمة أكبر عشرة صناديق عالمية هو صندوق الإمارات الذي تنوف قيمته على 738.9 مليار دولار، وجاءت السعودية في المرتبة الثالثة بنحو 436.3 مليار دولار، ثم دولة الكويت في المركز السابع بقيمة 202.8 مليار دولار، فقطر في المركز العاشر بقيمة 62 مليار دولار، وبهذه النسب نلاحظ أن دول الخليج تستحوذ على ما يقارب من 45 في المائة من إجمالي أكبر عشر صناديق سيادية في العالم، حيث يبلغ إجمالي أكبر عشر صناديق تقريباً نحو 3180 مليار دولار.
وحسب تقرير نشر حديثاً أن 31 في المائة من استثمارات الصناديق السيادية تذهب للاستثمار المباشر في قطاع العقار و19 في المائة تذهب للاستثمار غير المباشر في قطاع العقار، أي أن 50 في المائة من قيمة الصناديق السيادية تذهب في قطاع العقار، وهذا يقودنا إلى تساؤلات عن مصير قضايا مهمة أخرى قد تكون خافية في خضم الاستثمارات العقارية، على اعتبار أن العقار لا يولد وظائف، ولا حتى يعد قطاعا تنموياً.
لذلك نعتقد إننا أمام فرصة خليجية سانحة جداً لتعديل مسار جزء من هذه السياسات في استثمارات الصناديق السيادية، وتحويل دفتها نحو الاستثمار الصناعي المعرفي، ولم يأت هذا التصور من فراغ، فمنطقة اليورو تمر اليوم بأزمة طاحنة، وكثير من الشركات تنقصها السيولة وتتراكم عليها الديون، وهذا يتيح للصناديق السيادية الخليجية انتهاز هذه الفرصة، والاستحواذ على شركات صناعية تمتلك براءات اختراع وخصائص معرفية هائلة، ناهيك عن الخبرات المتراكمة في قطاع الصناعة عند الدول الأوروبية.
إن ما تمر به الشركات الأوروبية من ضعف لافت في الوقت الحاضر يسهل كثيراً من عمليات الاستحواذ على بعض هذه الشركات، أو المشاركة بنسب ملكية عالية ومن ثم نقل جزء من خطوط إنتاج هذه الشركات إلى منطقة الخليج، وإن أمكن نقل إدارة هذه الشركات إلى منطقة الخليج بهذه الآلية سنضمن فتح فرص وظيفية لأبنائنا، وجذب إيرادات مالية عالية خاص مع الصناعات التي تعتمد على النفط بسبب انخفاض التكلفة، وتدوير رأس المال داخل بلادنا بدلا من تصديرها للخارج عن طريق استثمارات مختلفة، وتحويل رواتب العمالة الخارج بشكل يستنزف أحيانا الكثير من الخطط نتيجة إخلالها بالموازنات العامة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي