التشهير .. وعقوبة خلف الكواليس
إن الوضوح هو عامل مهم من عوامل التجارة الشرعية الناجحة التي حرمت الغش والخداع والتضليل فلو لديك سلعة بها عيب ما وأردت بيعها عليك قبل كل شيء أن تطلع المشتري على ذلك العيب مهما كان حجمه صغيرا أو كبيرا لأن ما يخالف ذلك يعتبر في خانة الغش وفي مجرى التضليل، ولا أعتقد أنني أنقل صورة تشاؤمية لو قلت إننا نعيش في زمن أصبح الغش فيه واضحا فقد تشتري سلعة تحوي عشرات العيوب، ولكن البائع لا يطلعك إلا على عيب أو اثنين بها، وقد تفاجأ أنك اتفقت مع قريب أو صديق لك على سعر ما لشراء سيارته مثلا، ولكنك سترى أنه لو وجد سعرا أعلى عُرض من غيرك لأنكر ما اتفقتما عليه، تلك مواقف تتكرر باستمرار وطبعا تتوقف تلك السلوكيات غير الصادقة على ضعف الوازع الديني في التفرقة بين الحلال والحرام الذي أصبح هناك من يخطه وفق رؤيته الشخصية ناسيا بل متناسيا عقوبة الله ـــ عز وجل ـــ في تحليل الحرام وتحريم الحلال وتسيير الأمور وفق المصالح الشخصية متى ما أرادها سنها حلالا والعكس .. عصرنا مليء بتلك العينات وليس من الضروري أن تكون بعيدة عنا بل قد تتمثل في الأخ والعم والصديق ويصدم الإنسان بناء على تلك التجارب بالعلاقة التي كان يعتقد أنها حميمة مع طرف ما.
ولعل الطعام والشراب هما من حاجات الإنسان الرئيسة في الحياة وأن الأمر في صلاحهما وفسادهما يتوقف عليه حياة الإنسان، فكم من شخص توفي مسموما من الطعام أو الشراب الفاسد وقصة المطعم الشهير الذي ضبط بتلك اللحوم الفاسدة يمثل نوعا من الغش الذي يرتفع إلى مستوى الجريمة في اللعب بأرواح الناس من خلال العبث بأطعمتهم، وبناء عليه من حق "الزبون" أو المستهلك أن يعرف ويعي المصادر التي تنفعه من تلك التي تضره فإن كان هناك غش فعلى أمانة الرياض أن تعلن اسم المطعم رسميا ليس لشيء، ولكن ليكن عبرة لغيره ممن يعملون في المجال نفسه أو في مجال تجاري آخر ومهما كانت العقوبة المطبقة خلف الكواليس عادلة إلا أن وقعها سيكون أكثر فعالية حين الإعلان عن مصدر ذلك الغش؛ لأن إخفاء الاسم في بعض الأحيان قد يدخل جهات بريئة إلى حلبة الاتهام خاصة في العصر الحالي، حيث تناقل الأخبار من خلال وسائل الاتصال المختلفة، وبالتالي تكثر الشائعات، والأمر في الواقع لا أخص به حادثة المطعم الأخيرة، ولكن ملفات كثيرة في مجالات تجارية متعددة ترتكب الكوارث دون أن يعلن اسمها .. تجارب متتابعة تنتظر بندا مهما اسمه "التشهير".