الاقتصاد محرك التاريخ!

التاريخ ليس وترا مشدودا من الأزل إلى الأبد.. كما يراه المفكر الراحل الدكتور عبد الرحمن بدوي.. إنه بحر تحرك مياهه عوامل كثيرة.. الدين، الحروب، الزعماء، العلماء، والشعوب طبعا، وعوامل أخرى.. ولكن أهم من هذا كله ''الاقتصاد''.
الاقتصاد هو محرك التاريخ كما يقول كولنجرود في كتابه الشهير التاريخ وكيف يفسرونه.. ولو رجعنا إلى بدايات التاريخ البشري نلاحظ أن الاقتصاد في ذلك الوقت كان قائما على غزو الآخر، القوي يغزو الضعيف ويستولي على كل شيء لدى هذا الغير، حتى البشر يصبحون عبئا على الغازي المنتصر، ولم تتغير الأوضاع كثيرا، فالحروب اليوم تقوم من أجل الاقتصاد، ولكن بطريقة أخرى.
فالحربان العالميتان الأولى والثانية والحرب الباردة وآلاف الحروب الصغيرة التي نشبت وما زالت تنشب هنا وهناك سببها الخفي هو الاقتصاد عن طريق النزاعات على مناطق النفوذ مما يزيد من التوتر بين الدول كما يحدث اليوم بين ''إيران'' والعالم، فـ ''إيران'' تريد أن تفرض وجودها الاقتصادي في المنطقة عن طريق فرض شروطها الاقتصادية، ولكنها عجزت بسبب أنها وضعت نفسها في مواجهة مستمرة مع العالم كله.. وليس لديها إمكانيات حقيقية لمثل هذه المواجهات، وخسرت جيرانها أيضا بسبب تصعيدها الدائم لأجواء التوتر مع جيرانها، وسوف تخسر لا محالة في أي مواجهة قادمة مع الغرب، إيران نمر من ورق بل نمر من قش، وصواريخها تذكرنا بصواريخ الناصر والظافر.. أيام جمال عبد الناصر، و''الحسن والحسين''.. أيام صدام حسين.. ولك أن تتصور أن سلاح الطيران الإيراني من أيام الشاه لم يتم حتى تاريخه تحديثه أو تطويره، وخلال حرب الثماني سنوات في حربها مع العراق لم يكن للطيران الإيراني أي دور يذكر فيما عرف بحرب الخنادق، فقد اكتفت إيران بإرسال صواريخها الهيباء على العراق، مرة تسقط في البر ومرة على مدرسة ومرة في الصحراء... إلخ.
لقد كان بإمكان إيران اختيار طريق التعاون مع الجيران، انظر إلى الصين.. كيف استطاعت أن تتوسع اقتصاديا حول العالم كله دون مواجهات، وقد نجحت في تحييد حتى الأعداء للتعاون اقتصاديا مما أزال أسباب التوتر السياسي بين النظام الصيني الشيوعي وبقية أرجاء العالم شرقه وغربه وشماله وجنوبه، إن استمرار العالم الأول في فرض العقوبات الاقتصادية على إيران وتطويرها في كل فترة حتى باتت قاب قوسين أو أدنى من عقوبات على صادرات البترول هدفه الضغط الاقتصادي بدلا من الحرب حتى تعود إيران إلى صوابها، ولكن ما صدر من إيران من تهديدات حول إغلاق مضيق هرمز لا يبشر بالخير، فالعالم لن يسمح بإغلاق ممر مائي حيوي للعالم كله، وإذا نفذت إيران هذا التهديد ـــ وأشك في ذلك ــــ فإنها سوف تدفع ثمنا غاليا جدا يعيد الأمور إلى نصابها وينقذ الشعب الإيراني من هذا النظام الذي وضع إيران في مواجهات مستمرة مع العالم كله.
مهما كانت قوة ''إيران''، فالعالم أقوى.. ولعل الإيرانيين يعيدون حساباتهم!!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي