كي لا يدفعوا ثمن الطفولة الساذجة

يعتقد البعض أن الأطفال لديهم كثير من القصور في فهم اللغة التي يتحدث بها الكبار أو الآباء تحديدا، الأمر الذي يدفع أولئك الآباء إلى تقليص لغة الحوار مع الطفل وربما بعض الأسر تنعدم فيها لغة الحوار من الأساس وكل ذلك يكون بحجة أن الطفل لا يزال صغيرا وأي حوار معه يخرج عن أساسيات الحياة من مأكل ومشرب ومتطلبات مادية يعتبر هدرا للوقت واستنفادا للطاقة، ومثل تلك الأفكار التي يتبناها الآباء هي التي تنتج كثيرا من الأخطاء في حياة أبنائهم؛ لأن الأبناء منذ كانوا في سن الطفولة وهم يفتقدون عملية التوعية ضد الأخطار المعنوية، ولكنهم دائما يتلقون تحذيرات عن الأخطار المادية فالآباء يجيدون منع أبنائهم عن العبث بمقبس الكهرباء أو اللعب بالنار أو لمس المواد الساخنة حتى لا تضرهم، ولكنهم في المقابل يجهلون كيف يوجهون أبناءهم ويساعدونهم على فهم مخاطر البيئة المعنوية من حولهم ولو سلطنا الضوء قليلا على أحد المراكز التجارية المزدحمة ونظرنا إلى مشهد الأم التي تمسك بيد طفلها البالغ من العمر أربع سنوات وهي تسحبه سحبا إلى أينما تريد و ملامح الطفل تتذمر من أسلوب أمه التي فعلت ذلك بدافع الخوف والحفاظ عليه ولكنه هو لا يدرك ذلك بل يعتقد أن أسلوب أمه هو نوع من حرمانه من الحرية وامتهان لشخصيته الصغيرة، والمشكلة هنا أن الأم لا تشرح لطفلها السبب الرئيس من سلوكها وهي أيضا تجاهلت أن تخبره بالسلبيات الحقيقية الناتجة من ضياعه في السوق؛ لأنها تعتقد أن هذا السلوك لا بد لأن ينفذ آليا من قبلها، وأنه ليس من الضروري أن يعلم الطفل السبب الذي يكمن دائما خلف سلوكها بينما هذا الأمر يعتبر حقا من حقوق الطفل وهذه الصورة ربما تنقلنا لصورة أخطر عندما نرى ونحن نسير بالسيارة طفلا يقف عند باب المنزل من الخارج ربما دون أن تعرف أسرته بأنه يقف في الخارج، وهو بذلك ربما يتعرض للسرقة أو الخطف أو الاغتصاب من بعض من لديهم دوافع إجرامية، ولكن الطفل قد لا يدرك تلك الخطورة فهو لم يجد من يعلمه الحياة الحقيقية وجوانب الخطورة بها الأمر الذي يجعله يخطو خطوات كبيرة جدا، ولكنها ترسم طريقه إلى مصير لا يدركه.. يجب ألا نعتقد أن الطفل لا يفهم أو يدرك، بل يجب أن نفترض دائما بأن لهم عقولا تفكر ومن الممكن أن تدرس مخاطر الحياة بأسلوب أيسر وأسهل من المصطلحات المعقدة التي نستعملها في حياتنا؛ لأن أطفالنا لا بد وأن يكون لديهم الوعي الكامل بخطورة أي سلوك؛ حتى لا يدفعوا ثمن الطفولة الساذجة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي