هل تواجه دول الخليج الضياع في 2012؟

غني عن القول أن عام 2012 لن يكون عاماً اعتيادياً على المنطقة العربية، وكذلك على دول مجلس التعاون الخليجي، فالهزات الارتدادية للزلزال العربي المسمّى المدعو ربيع، ستتوالى تباعاً خلال عامنا هذا، وربما الأعوام المقبلة، فإذا أضفنا العدوانية المستمرة لنظام الملالي في طهران لجيرانه على الضفة الغربية من الخليج، يبقى السؤال الذي يشغل الجميع: بماذا استعدت دول الخليج لعامها الجديد؟
لو بحثت دول المجلس التعاوني لخاتمة رائعة تنهي بها عام 2011، فلن تجد أفضل من دعوة العاهل السعودي للاتحاد بين دول المجلس، ربما كان هذا حلم الشارع الخليجي طوال عقود، لكنه مع التحولات التي تعيشها المنطقة وما تواجهه من مخاطر، أصبح الاتحاد ضرورة وليس ترفاً، ولنكن أكثر صراحةً هنا، فدولة مثل السعودية بحجمها الجغرافي وثقلها السكاني، ربما تكون الدولة الأقل تضرراً من عدم قيام الاتحاد، ومع ذلك فقد أتت المبادرة منها، وهنا يأتي دور الأخ الأكبر الذي لا ينظر لأشقائه بمنظار الكسب والخسارة، بقدر ما هو مصلحة الجميع، وكذلك دوره الذي ينتظره منه الجميع.
الخوف كل الخوف أن تستمر بعض دول التعاون الخليجي في المبارزة السياسية، والبحث عن أدوار بطولية واستعراضات دبلوماسية، لأن هذا سيكون أفضل رسالة تبين عدم الموافقة على مشروع الاتحاد الخليجي. من غير اللائق ولا المقبول أن تتباين سياسات الدول ورؤاها ما بين المواقف الرسمية والفعلية، وهذه مشكلة المشاكل التي يعانيها المجلس الخليجي ولم يجد لها حلاً حتى الآن.
لم يعد مناسباً أيضا أن تمضي دول التعاون الخليجي في مشروعها الاتحادي، بشقيه العسكري والسياسي، وسط تباطؤ في مسيرة الإصلاحات السياسية، وهذه الأخيرة لا يمكن أن تفرض فرضاً على دول المجلس، فهي تأتي بحسب احتياجات وظروف كل دولة، غير أنها في نهاية الأمر يجب أن تكون هذه الإصلاحات محسوسة ووفق مشروع وطني يواكب التغيرات التي تعيشها هذه الدول أو تلك.
ما لم تواجه دول التعاون الخليجي عام 2012 بفكر يتناسب مع المرحلة الحالية، فسيكون هذا العام صعباً على الجميع، وقد تكون سنة كبيسة الله وحده يعلم حجم الخسائر التي قد تتكبّدها مسيرة المجلس، فالأمن الداخلي أثبت أنه من دون تعاون حقيقي سيواجه مزيداً من الضرر، والجبهة الداخلية تعرّضت للطعن من الداخل والخارج، فإذا أضفنا التحديات الاقتصادية التي يواجهها العالم وتنعكس سلباً على دول المجلس، فإن الصورة ستبقى قاتمة ومقلقة لجميع مواطني دول المجلس، ما لم تفعلها دول الخليج وتتجه للاتحاد فيما بينها.
كما قال خادم الحرمين الشريفين، في كلمته أمام القمة الخليجية، فإن التاريخ والتجارب ''علمتنا ألا نقف عند واقعنا ونقول اكتفينا، ومَن يفعل ذلك سيجد نفسه في آخر القافلة ويواجه الضياع وحقيقة الظرف، وهذا أمرٌ لا نقبله جميعاً لأوطاننا وأهلنا واستقرارنا وأمننا''. والجميع يتمنى ألا تأتي نهاية عام 2012 ودول الخليج تقف عند موقفها نفسه لم تتحرّك خطوة للأمام، عندها فعلاً ستكون في آخر القافلة، وكل الخوف أن يواجه بعضٌ من دولنا الضياع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي