انخفاض الفائدة.. من سيربح؟

تستمر أسعار الفائدة في كونها ملفا ساخنا تحديدا أسعار الفائدة الأمريكية بعد تثبيت الفدرالي الأمريكي لها للمرة الخامسة على التوالي، ليبقي الفيدرالي نظره نحوها في حال الترقب لدراسة كافة الأثار اللاحقة لكل القرارات الأمريكية الجديدة وخصوصا الرسوم الجمركية وأثر ذلك في الحركة الاقتصادية الأمريكية، الطلب على المنتجات وبكل تأكيد أثر ذلك على سوق الوظائف التي بدأت تيضعف في الأشهر الثلاثة الأخيرة بالمقارنة مع ما كانت عليه في الفترات السابقة.
أثارت قفزات معدلات التضخم تحفظ البنوك المركزية في العالم وخصوصا في الفيدرالي الأمريكي حيث وصل التضخم إلى مستويات هي الأعلى في 40 سنة وبمعدل يضاعف المعدلات المستهدفة عند 2.5%, بالرغم من أن هذا المعدل كان محل انتقادات باعتبار أنه بعيد عن واقع اليوم إلا أن الفيدرالي بقي متمسكا بهذه المعدلات للتضخم كمستويات مستهدفة يبحث عنها أيا كان أثر ذلك في الحركة الاقتصادية، بل أن رئيس الفيدرالي الأمريكي في أكثر من تصريح تحدث عن تلك الآثار واعتبرها أثار جانبية لهدف أهم حتى مع تعدد انهيارات بنوك الولايات في أمريكا وهي بنوك صغرى بل استمر التوجه حتى عند تعثر بنك سيلكون فالي في 2023 وهو ثاني أكبر إفلاس لبنك في أمريكا، بالرغم من ضخامة الحدث أستمر الفدرالي الأمريكي في طريقة نحو المستوى المستهدف للتضخم.
ظل الفيدرالي يتابع تحرك معدلات التضخم متأخرا في خطوته الأولى نحو تغيير سعر الفائدة وبالرغم من ذلك صنع الفيدرالي موجة سريعة لتغيير أسعار الفائدة والتي كانت أحد الأسرع في تاريخه لرفع معدلات الفائدة بـ 11 حركة متتالية خلال سنتين أوصلت معدلات الفائدة من 0.25% إلى 5.5%. إن هذه الهجمة على التضخم كانت السبب في إنهاء حقبة طويلة من سنوات الفائدة الصفرية. تسبب هذا التغيير انقلاب في هيكل التكاليف الرأس مالية للأفراد، الشركات وأيضا تأثرت البنوك فضاق هامش ربحها في القروض مع تقلص شهية المقترضين بسبب التكاليف الإضافية للاقتراض.
وصل الفيدرالي الأمريكي إلى قناعة بأنه أصبح من المأمون بداية مراجعة أسعار الفائدة وخفضها وتراجعت إلى 4.5% ليستمر التثبيت لـ5 اجتماعات متتالية لمراقبة الحركة الاقتصادية والنقدية. خلال فترات الزيادة الصاروخية لأسعار الفائدة اتسعت رقعة التأثير على الشركات ذات معدلات الفائدة المتغيرة حتى بدأت تتضاعف تكاليف خدمة الدين وهذا سيناريو طبيعي، لكن بعد سنوات طويلة من فائدة صفرية لم يكن الجميع متأهب لمعدلات التغيير السريعة هذه لا محليا ولا دوليا إلا الندرة، أيضا طال ذلك البنوك والمؤسسات المالية التي تحمل أدوات استثمارية بمعدلات ثابتة وأثر قيمتها الأسمية فيها فهذا أضعف المتاح لإعادة الاستثمار.
تسببت الحركة السريعة لأسعار الفائدة وأثرها في تكاليف الاقتراض والأرباح إلى أن تهرع الشركات نحو أدوات التحوط فأصبحت منتجات التحوط ذات طلب كبير في السنوات الأخيرة أظهرت الفروقات في التخطيط المالي للبنوك والشركات والتجاوب مع المتغيرات بما يقلص أثر ذلك التغير السريع في الفائدة. إضافة إلى ذلك فزعت شركات أخرى إلى التحوط المفرط وهذا ما سنرى أثرة في قادم الأيام بتكاليف اقتراض مرتفعة حتى مع تراجع الفائدة.
من المعلوم بأن تراجع أسعار الفائدة على وجه العموم سيكون عنصر دعم للنشاط الاقتصادي وجريان النقد في شرايين الاقتصاد بدلا من البقاء ضمن الودائع، إلا أنه من المتوقع أن يكون لتراجع الفائدة أيضا أثر في شريحة جيدة بالغت في التحوط لتجد أنها مكبله في فائدة مرتفعة لفترات أطول.

الرئيس التنفيذي للاستثمار BLME

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي