تعزيز الاستثمار الأجنبي للبرامج المناطقية و شراكة الغرف
في إطار رؤية 2030، تضع السعودية هدفًا إستراتيجيًا لزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وتنمية الاقتصاد الوطني عبر تحفيز الميزات النسبية لمناطقها المتنوعة. تسعى الرؤية إلى رفع مساهمة الاستثمار الأجنبي المباشر في الناتج المحلي الإجمالي من 3.8% إلى 5.7%، وزيادة مساهمة القطاع الخاص إلى 65%.
تحقيق هذه الأهداف يتطلب تحولًا نوعيًا في الطريقة التي تُدار بها التنمية الاقتصادية، لا سيما من خلال تطوير برامج مناطقية تراعي خصوصيات كل منطقة، وتُبنى بالشراكة مع الغرف التجارية الصناعية باعتبارها عنصرًا حيويًا في تحفيز الاقتصاد المحلي. تمتلك كل منطقة في السعودية مزايا نسبية متفردة: فمنها ما يتميز بالموارد الطبيعية، ومنها ما يمتلك إرثًا ثقافيًا وسياحيًا غنيًا، أو موقعًا جغرافيًا إستراتيجيًا يفتح آفاقًا استثمارية واسعة. وتعد الاستفادة من هذه المزايا، من خلال تصميم برامج اقتصادية مناطقية مخصصة، السبيل الأمثل لجذب الاستثمارات الأجنبية، وتحقيق تنمية اقتصادية أكثر شمولًا وتوازنًا.
وهنا يأتي دور الغرف التجارية الصناعية كشريك وحلقة وصل بين القطاع الخاص والحكومة، وكمحرك فاعل في تصميم البرامج وتحديد الأولويات الاستثمارية وتوفير المعلومات للمستثمرين. تعزيز الاستثمار الأجنبي ليس فقط هدفًا رقميًا، بل هو وسيلة لنقل التقنية، ورفع كفاءة رأس المال البشري، وتحفيز الابتكار، وتوسيع قاعدة الاقتصاد غير النفطي. إلا أن النجاح في ذلك مع وجود بيئة تشريعية وتنظيمية تنافسية، وسرعة في إصدار التراخيص، وشراكات إستراتيجية مع مستثمرين دوليين يرون في السعودية وجهة استثمارية يتطلب بناء برامج تفصيلية تعريفية لكل قرية، مدينة و منطقة.
وفي هذا السياق، يُعد تحليل توصيات صندوق النقد الدولي لعام 2025 أمرًا مهمًا. إذ أيد الصندوق استمرار الإنفاق الحكومي وعدم اللجوء إلى التقشف، معتبرًا أن السعودية قادرة على تحمّل هذا العجز بفضل انخفاض الدين العام.
هذا التوجه يتماشى مع إستراتيجية رؤية 2030 في الحفاظ على زخم التنمية والتحول الاقتصادي. الفرصة الآن سانحة لتعزيز ثقة المستثمرين الأجانب بالسعودية، من خلال استمرار الإصلاحات الاقتصادية، وتطوير الحوافز الاستثمارية المدروسة، والتعريف بالاستقرار التنظيمي والتشريعي الذي ننعم به . إن تمكين الغرف التجارية لتقود برامج تنمية مناطقية بالشراكة مع القطاعين العام والخاص، سيؤسس لنمو اقتصادي مستدام ينعكس على رفاه المواطن واستقرار الاقتصاد الوطني.
إن تحقيق أهداف رؤية 2030 مع وجود سياسات اقتصادية مرنة وطموحة، من ضمن أهدافها جذب الاستثمار الأجنبي يجب أن يستكمل بدور للغرف التجارية الصناعية كشريك محوري فاعل يسهم في بناء مستقبل اقتصادي متنوع ومزدهر.
كاتب اقتصادي ورجل أعمال