الفتيات ونقص الوعي وتجارب اللا عودة!
في الوقت الراهن تحتاج الأسرة إلى مجهود مضاعف للتوعية والتربية وغرس القيم والوازع الديني، وهذا المجهود لا بد أن يدعم بكثير من المواقف التي يجسد فيها مفهوم القدوة من قبل الوالدين والإخوان الأكبر سنا، بمعنى أن التوعية الأسرية تحتاج في العصر الحالي إلى مزيد من العلاقة الوطيدة بين الأبناء والوالدين، أو لنقل على المستوى الأبسط العلاقة الحميمة بين الأبناء وأحد الوالدين كأقل تقدير، لأن التوجيه المباشر، الذي يؤمن به كثير من الأسر ويتبعه كثير من الأسر، أصبح لغة قديمة أكل وشرب عليها الزمان، فهو طريقة مستهلكة وأسلوب منفر، بل مثير استفزازي للابن، لدرجة أن بعض الأبناء يتعمد أن يسلك سلوكا عكسيا من أجل أن يعاند والديه كنوع من لغة رفض الأوامر.. إذن نحن في حاجة إلى أن يكون الأمر أسهل وأقرب عن طريق الحوار الإيجابي، فكم من المشكلات الكبرى كانت تبدأ من وجود ثغرة بين الوالدين والأبناء، ولعل تقدم الزمن جعل المشكلات أكثر صعوبة وأشد تعقيدا، والتوعية هي الأهم، بل إقناع الابن بالفكرة الإيجابية هو النجاح، خاصة في ظل ظروف الهالة الإلكترونية التي اكتسحت كل الظروف الاجتماعية فارتسمت عوامل التعرية على المجتمع ليتشكل بصورة حديثة وتتغير فيها عناصر كثيرة لها سلبياتها تماما كما هي الإيجابيات. فالفتاة التي حكت لي قصتها المحزنة عندما تعرفت على شاب في أحد مواقع التعارف على الإنترنت وباستمرار الكلام المعسول بينهما اضطرت الفتاة بدافع الحب والغرام إلى إرسال صورها إلى ذلك الشاب، الذي أنهى قصة حبها بالابتزاز واستدرجها إلى منزل مملوء بالشباب الفاسد، وتطور الأمر إلى أن أصبح يزورها في المنزل دون علم أسرتها، قصة بدايتها تشترك كثيرا مع قصص فتيات كثيرات، قصص تبدأ بعدم الوعي وتنتهي إلى علاقات غير شرعية تحت ضغط التهديد والابتزاز والخوف والرعب، بل تنتهي بالفضيحة وانهيار المستقبل لتلك الفتاة، وفي أحيان تتشرد الأسرة بعد أن تغزوها الفضيحة.
إن كثيرا من المواقف يتكرر، ويسمع الفتيات عن قصص بعضهن، لكن كل فتاة تعتقد أنها بعيدة عن تلك التجربة إذا وضعت أقدامها على بوابة الخطأ بسبب عدم الوعي، بل هناك نقطة أخرى لا بد أن تطرح، وهي تندرج أيضا تحت بند نقص الوعي عندما تستجيب الفتاة لإعلان الشاغر الوظيفي دون أن تتأكد من أن مصدر الوظيفة موثوق، وبالتالي تقوم بإرسال سيرتها الذاتية وكل المعلومات الخاصة بها، الأمر الذي يجعل الطرف الآخر يستغلها استغلالا سلبيا، وربما يصف لها موقعا وهميا لمقر الوظيفة وينتهي الأمر إلى ما لا تحمد عقباه، إذ لا تزال فتيات كثيرات ينقصهن الوعي ويظل الدور الأكبر من مسؤولية الأسرة التي كثيرا ما تقصر في هذا الدور المهم، بل تعتبر أن من نقص الثقة بالفتاة أن توجهها أو تطرح أمامها مثل تلك المواضيع من منطلق ظن تلك الأسرة أن ابنتها بعيدة عن الأخطاء. لننظر بجدية إلى تجارب غيرنا ونتعظ.. ففي أحيان كثيرة ربما لا يكون هناك مجال للعودة.