منتدى الرياض الاقتصادي.. لماذا يعالج هذه القضايا؟

تنطلق بعد غد السبت الموافق 17 كانون الأول (ديسمبر) برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ـــ حفظه الله ــــ فعاليات منتدى الرياض الاقتصادي في دورته الخامسة في مدينة الرياض، والتي ستستمر على مدى ثلاثة أيام، وسيتم من خلالها مناقشة عدد من قضايا التنمية في السعودية، والخروج بتوصيات تتحول فيما بعد إلى قرارات حكومية مهمة، تسهم بفاعلية في تطوير أداء الاقتصاد الوطني والبيئة التجارية والاستثمارية في المملكة.
ركز المنتدى في هذه الدورة، على مناقشة خمس قضايا تنموية مهمة للغاية، ذات بعد وطني واستراتيجي، وهي: تطوير النقل داخل المدن، وآليات التعليم الفني والتدريب التقني والمهني ومدى ملاءمته للاحتياجات التنموية من القوى العاملة، والأمن الغذائي بين الزراعة المحلية والاستيراد والاستثمار الزراعي الخارجي، وتقييم الاستثمار في المملكة، والتنمية المتوازنة لمناطق المملكة.
من بين أبرز أسباب اختيار المنتدى لمناقشة قضية النقل داخل المدن، الضعف الواضح في منظومة النقل العام داخل المدن، ولا سيما أن النقل العام داخل المدن، يعتمد بشكل كبير على استخدام وسائل محدودة وبدائية للغاية، تتمثل في سيارات الأجرة الصغيرة، وحافلات نقل صغيرة متهالكة (منتهية العمر الافتراضي)، لا تعكس بأي حال من الأحوال، المستوى الحضاري الذي تعيشه المملكة، مما تسبب في ارتفاع أعداد حوادث السير في المملكة، والذي ترتب عنه ارتفاع أعداد الوفيات، والتي تجاوزت ستة آلاف وفاة في العام الواحد. من هذا المنطلق ركز المنتدى على قضية النقل داخل المدن، بهدف إيجاد حلول مبتكرة مناسبة، تعمل على تحقيق سلامة الحركة المرورية، وتسهم في الوقت نفسه، بالارتقاء بمعايير وسائل النقل العام داخل المدن، بالشكل الذي يوفر الوقت والجهد والمال على المواطنين والمقيمين، ويضمن في الوقت نفسه توفير الحماية اللازمة للبيئة من التلوث الناجم عن استخدام وسائل نقل عام وخاص بكثافة عالية داخل المدن.
ومن بين الأسباب، التي دعت بمنتدى الرياض الاقتصادي التركيز على قضايا التعليم الفني والتدريب التقني والمهني، توسع الدولة في مجال التدريب التقني والمهني خلال العقدين الماضيين، بإنشاء أعداد كبيرة من الكليات والمعاهد التقنية والمهنية لاستيعاب أعداد كبيرة جداً من المواطنين والمواطنات، ولكن رغم ذلك لم يقابل هذا التوسع استيعاب سوق العمل لخريجي تلك المعاهد والكليات بالشكل المطلوب، كما أن فرص التدريب المتاحة بالسوق لا تزال محدودة دون الطموح المطلوب، مما فاقم من مشكلة قدرة استيعاب سوق العمل لخريجي المعاهد والكليات التقنية والمهنية. ومن هذا المنطلق، يسعى المنتدى من خلال تقديم دراسة متخصصة، بحث الحلول الكفيلة باستيعاب أكبر عدد ممكن من خريجي الكليات والمعاهد التقنية والمهنية، عن طريق توفير التدريب التقني والمهني بالجودة والنوعية والكفاءة التي تتطلبها سوق العمل.
وبالنسبة لاختيار قضية الأمن الغذائي من ضمن القضايا التنموية لمناقشتها في المنتدى، باعتبار أن الأمن الغذائي، أصبح يشكل هاجسا وقلقا تنمويا على المستوى المحلي والدولي على حد سواء، ولا سيما بعد أزمة الغذاء العالمي، التي اجتاحت العالم في عام 2008، وأنتجت ما يقارب مليار جائع على مستوى العالم، وتسببت في رفع أسعار بعض المواد والسلع الغذائية بنسبة 300 في المائة، ومن هذا المنطلق، جاءت فكرة تبني المنتدى لقضية الأمن الغذائي في المملكة، بهدف الوصول إلى الأسلوب الأمثل لتحقيق الأمن الغذائي في المملكة، بالشكل الذي يوازن بين الزراعة في الداخل والاستيراد والاستثمار في الخارج.
وبالنسبة لاختيار المنتدى لموضوع تقييم الاستثمار في المملكة، نتيجة للجدل القائم في الوسط الاستثماري المحلي، وبالتحديد فيما يتعلق بمدى جدوى الاستثمار الأجنبي وما يحصل عليه من ميزات استثمارية تنافسية، مقارنة بما تحظى به الاستثمارات المحلية من دعم ومساندة، ومدى انعكاس ذلك على قدرة الاستثمار الأجنبي في تحقيقه لقيمة حقيقية مضافة للاقتصاد المحلي، وأيضاً على قدرته في خلق وظائف جديدة للمواطنين، بما في ذلك توطين الوظائف الحالية، ولا سيما في ظل التزايد المطرد في أعداد تراخيص الاستثمار الأجنبي في المملكة، إذ تشير المعلومات، إلى أن عدد تراخيص الاستثمار الأجنبي في المملكة وصل إلى 7500 ترخيص، وأن قيمة الاستثمارات الأجنبية قد تجاوزت أكثر من 600 مليار ريال.
أخيرا وليس آخرا، فإن تخصيص منتدى الرياض الاقتصادي، لحيز وجزء كبير جداً، من وقت المنتدى لمناقشة وتسليط الضوء على قضايا التنمية المتوازنة لمناطق المملكة، نظراً لأهمية وضرورة تضييق الفجوة التنموية بين مناطق المملكة المختلفة، لما في ذلك من أهمية تنموية قصوى في الحد من التركز السكاني في المناطق الرئيسة على حساب المناطق البعيدة، ومحاولة خلق توازن في التوزيع السكاني، وكما تهدف خطة التنمية التاسعة إلى تحقيقه، وبالذات أن أحد أهداف استراتيجية التنمية في المملكة، هو تحقيق تنمية متوازنة بين مناطق المملكة المختلفة، بما يعزز من دور المناطق في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويعمل في الوقت نفسه من التحسين من مستويات المعيشة ونوعية الحياة لجميع المواطنين.
خلاصة القول، إن منتدى الرياض الاقتصادي في دورته الخامسة، سيركز على معالجة خمس قضايا تنموية مهمة بأسلوب ومنهجية فريدة من نوعها، تعتمد على تقديم دراسات متخصصة، ومساهمة خبراء ومختصين في معالجة قضايا التنمية.
ويتوقع لهذه الدورة أن تخرج بتوصيات مهمة، في حالة تفعيلها بالكامل، وأن تعمل على الارتقاء بأداء الاقتصاد الوطني، بما في ذلك البيئة الاستثمارية والتجارية، بالشكل الذي يحقق للمملكة ومناطقها ومدنها المختلفة، تنمية متوازنة وعادلة، تعود بشمولية النفع والفائدة على المملكة ومواطنيها على حد سواء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي