حوادث التعليم والحلول.. يقظة الضمير الإنساني
مرت علينا أحداث مفجعة في عالم التعليم سواء في حادثة جدة أو حادث حائل أو جازان وقريب منها، لكن الله سلم في عسير، وكل هذا في فترة محدودة لا تتعدى عشرة أيام، وكثير من الكتاب تناول هذه المشكلة وسلبيات التعامل مع الأحداث والتفاعل المؤقت مع الأزمة والعودة لتكرار الأخطاء أو الاستغراق في رسم الخطط والتصاميم العالمية المثالية دون الوصول إلى مرحلة التنفيذ، وانطلاقا من هذه الأزمة التي ضحت بأبناء الوطن وبناته دون وقوف وتأمل في الأسباب والحلول، وكأن الكل يحاول تسجيل موقفه بتبرير موقفه وأهالي الضحايا تتقطع قلوبهم حسرة وألما على فلذات أكبادهم، وأرى أن أفضل حل لعلاج مشكلة النقل لطلاب التعليم العادي والتعليم الجامعي هو التعامل مع هذه الخدمة عن طريق عقود البوت B.O.T، فلو سافر أحدنا إلى الدول التي تقدمت كثيرا في مجالات البنية التحتية والخدمية في فترة وجيزة لوجد أن هذه العقود كانت عاملا أساسيا في نجاح ذلك خاصة في إطار المتغيرات الاقتصادية التي يشهدها العالم، وكذلك للحد من دور الحكومات في المجالات الخدمية والتي غالبا ما تعاني ضعفا في التنفيذ والتشغيل، ولذ الأفضل بقاؤها في الدرجة الأولى بالأعمال الرقابية لهذه الخدمة إلى جانب تفعيل التنظيمات والضوابط وتوفير التشريعات لحماية المصالح الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع، وهذا ما جعل الاهتمام بعقود البناء والتشغيل والتمويل يأخذ مجالات أوسع، خاصة أنها تعد من العقود الحديثة نسبيا، سواء على المستوى المحلي أو الدولي. ولعل المفهوم القريب لعقود الـ B.O.T، والتي تعني البناء والتشغيل والتحويل، حيث تقوم الحكومة بمنح من يرغب في الاستثمار في مشاريع البنية التحتية أو المرافق العامة من الأفراد أو الشركات الخاصة فرصة إقامة المشروع وتحمل المستثمر أعباء شراء وتزويد المشروع بالآلات والمعدات والتكنولوجيا المتقدمة، إلى جانب النفقات التشغيلية، وذلك مقابل حصول المستثمر على إيرادات تشغيل المشروع خلال فترة تعرف بفترة الامتياز تتراوح في العادة ما بين 20 و50 عاما، وقد تزيد على ذلك حسب نوع العقد والنشاط وفقا لتقديرات الدولة ومراعاة المصلحة العامة، وبعد انتهاء مدة الامتياز فإن المشروع يتحول بكل أصوله المنقولة والثابتة إلى الدولة وقد يكون هذا التحول تدريجيا لتنظيم أداء المرفق الخدمي خاصة ما يتعلق بجانب حياة الطلاب والطالبات، وقد يجدد عقد التأجير لهذه الشركة.. على حسب المصلحة والحاجة لنوع العقود مع تعدد الأعمال والأنشطة التي تتطلبها الأنشطة الاقتصادية في الدولة الحديثة، وكذلك كون هذه العقود تبرم أساسا بين الجهات الرسمية والقطاع الخاص فإن طبيعة المشروع والنشاط الذي سيزاوله باتت تتحكم في نوع العقد.
إن الإمكانات التي نعيشها كبيرة جدا ولكن مع وجود تعثر في المشاريع تطلب الأمر وضع البرامج الأكثر أماناً لحياة فئة ترتبط بالتعليم أهم رسالة في الحياة، وكم تألمت عندما قرأت تصريحا لوالد إحدى الطالبات التي لم تركب باص حائل واعتذرت في اللحظة الأخيرة، قالت وانظروا: لن أذهب للجامعة مرة أخرى فقد منحني الله الحياة ولن أضيع هذه المنحة الإلهية.. بهذا التصور عاشت كثير من الطالبات اللائي يعانين مشكلة المواصلات سواء في بعد الجامعات أو رداءة الطرق أو عدم كفاءة السائقين وتدريبهم على هذه المهنة، أو لتهالك كثير من سيارات النقل والتي أصبحت مهنة ذوي الدخل المحدود، وكبار السن والأجانب.
سوف ننسى هذه القصة ويعتريها التقادم الزمني، وقد نذكرها مع حادث آخر مأساوي عندها تكون القلوب انطبعت بهذه المصائب، وأنجح الحلول هو المبادرة إلى البرامج العاجلة الأكثر أمانا في مجالات الخدمات العامة، ولعل الجهات التعليمية في جميع القطاعات تبتعد عن الطابع النظري، والاستغراق في تصميم المناهج وإعداد الكتب والمواد التعليمية بالأساليب التقليدية، وترك المجالات الأخرى المرتبطة بالعملية التعليمية مثل وسائل السلامة والإسعافات الأولية والنقل المدرسي والإسكان الجامعي وتوطين التعليم وتوسيع دائرة التعليم عن بعد لمثل الحالات التي يصعب إيجاد مؤسسات تعليمية فيها، حيث ترقى البرامج التعليمية إلى جميع الشرائح في المناطق كافة.
إن الحوادث المفجعة التي نعيشها بين الفترة والأخرى يجب أن توقظ الضمير الإنساني بما يعود على حياة الناس بالفرح والأمل وألا تكون هذه الحوادث حوادث مؤقتة مؤلمة لأصحابها مليئة بالإثارة الصحفية باجترار مهني لكل حدث مشابه لهذه الحوادث.
أسال الله أن يجبر مصاب كل من فقد عزيزا عليه وأن يعوضهم خيرا وأن يجمعهم مع ذويهم في جنات النعيم.