صندوق المئوية.. انطلاقة جديدة بالمشاريع الصغيرة
من بين التنظيمات العديدة، التي أقرتها الحكومة السعودية خلال السنوات القليلة الماضية، والتي استهدفت معظمها توفير الدعم المالي واللوجستي للمواطنين الشباب من الجنسين، لبدء مشروعاتهم التجارية، تأسيس صندوق المئوية، بناءً على أمر المقام السامي رقم أ/190، وتاريخ 20/5/1425هـ، لمساعدة الشباب والشابات السعوديين والسعوديات، على إقامة مشاريع خاصة تجارية خاصة بهم، تكفل لهم حياة كريمة، وفي الوقت نفسه تعمل على استحداث وخلق وظائف جديدة في سوق العمل للمواطنين السعوديين.
يُعد صندوق المئوية بكل المعايير والمقاييس المحلية والدولية، نموذجاً وعملاً مؤسسياً، يواكب تطلعات السعودية وطموحاتها المتعلقة بدعم شبابها (من الجنسين) لبدء مشاريعهم الصغيرة، لتكون لبنة حقيقية لدعم القاعدة الاقتصادية الوطنية، في ظل التوجهات الاقتصادية الجديدة المرتكزة على تشجيع المبادرات التجارية لصغار المستثمرين، وبالذات التي تعود ملكيتها للشباب باعتبارهم مستقبل البلاد، ولكون أن المشاريع الصغيرة هي البذرة الأولى، والنواة الحقيقية للمشاريع للكبيرة.
رؤية الصندوق لتحقيق أهدافه المتمثلة في (المساعدة في إيجاد فرص عمل للمواطنين من فئة الشباب من الجنسين، ومساعدة الاقتصاد المحلي على النمو من خلال إقامة مشاريع منتجة، وزيادة فرص نجاح المشاريع من خلال خدمات التمويل والتدريب والإرشاد، وتنمية ودعم الأفكار الخلاّقة في محيط الأعمال)، تستند إلى أن يكون الصندوق الرائد في تمكين الشباب بأن يصبحوا من أصحاب الأعمال الناجحين.
رسالة الصندوق صيغت بعناية فائقة، لتترجم تلك الرؤية وتجسدها على أرض الواقع، من خلال تركيزها على تمكين الجيل الجديد من السعوديين والسعوديات من بدء أعمالهم الخاصة بالإرشاد والتسهيل والإقراض وتحويلهم من طالبي وظائف إلى موفري وظائف، بهدف مساعدتهم على تحقيق الاستقلال المادي والاقتصادي لأنفسهم. من هذا المنطلق، تجاوز دور الصندوق، المتمثل في توفير الدعم المالي للشباب، إلى التفاعل مع الخطط الوطنية المتعاقبة لتنمية الشباب الواعد وفتح آفاق تنموية جديدة ومتعددة له، حيث يتاح لهم من خلال ذلك المزيد من الخيارات، التي تتناسب مع طاقاتهم وأفكارهم الإبداعية، والتي ستمكنهم ـــ بإذن الله ـــ في نهاية المطاف من تحويل أحلامهم إلى واقع حقيقي ملموس.
إنجازات الصندوق عديدة ومتنوعة، قد يصعب ذكر جميعها في هذا المقام، ولكن لعل من بين أبرزها وأهمها على سبيل المثال لا الحصر، الموافقة على تمويل 3444 مشروعاً، بقيمة تعادل نحو 730 مليون ريال، من بينها، 64 في المائة مشروعاً تم تنفيذها خارج المدن الرئيسية، احتلت المشاريع النسائية منها ما نسبته نحو 21 في المائة. كما قد قام الصندوق بتوفير أكثر من خمسة آلاف مرشد ومرشدة، والموافقة على تدريب أكثر من 1150 مستفيدا ومستفيدة.
جدير بالذكر أن الصندوق اعتمد أخيراً استراتيجية عمل جديدة، استندت إلى إحداث تغيرات جوهرية في أسلوب ومتطلبات عمل الصندوق، بما يحقق للصندوق نقلة نوعية في إنجاز الأعمال والمهام الموكلة إليه، حيث على سبيل المثال اقتضت مرحلة إعادة التركيز والتغيير بالاستراتيجية للفترة (2011-2015)، التحديث للعديد من مفاهيم ومتطلبات إنجاز المهام والأعمال في الصندوق، حيث أصبح التركيز بشكل كبير جداً، على العميل والجانب الاجتماعي، إضافة إلى تحديد الصندوق لأهداف دقيقة وواقعية، تستند إلى أرقام ونتائج قابلة للقياس، ولكنها تحقق في نفس الوقت طموحات وتطلعات القائمين على إدارة الصندوق، بما في ذلك مجلس الأمناء، الذي يرأسه الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز آل سعود. من بين متطلبات وأساسيات العمل الجديدة في الصندوق أيضاً، إشراك الموظفين العاملين بالصندوق في القرارات التي تتخذ، تبعاً للتخصص ومجال عمل أولئك الموظفين، بهدف إشعارهم انتمائهم للصندوق، وأهميتهم الإدارية وقيمتهم الإنسانية، وأنهم جزء مهماً للغاية في إنجاح الصندوق وتحقيقه لأهدافه التنموية المختلفة. من بين متطلبات العمل الجديدة في الصندوق كذلك، التحسين من إجراءات العمل، بهدف التعزيز من قدرة الصندوق على التنافس والتميز من بيئات العمل المختلفة، الأمر الذي تتطلب بناء شراكات وتوقيع اتفاقيات طويلة الأجل مع شركاء محليين ودوليين، الذين لعل من بين أبرزهم وأهمهم منظمة شباب الأعمال الدولية، Youth Business International - ybi، التي تعد أحد أفضل الشبكات الدولية من حيث تبنيها لمبادرات غير ربحية، تهدف إلى مساعدة الشباب على بدء وتنمية مشاريعهم الخاصة، وخلق فرص العمل.
خلاصة القول، أن صندوق المئوية، يعد من بين البرامج والمشاريع والمبادرات المحلية الرائدة على مستوى السعودية، لدعم شباب الأعمال (من الجنسين)، من خلال مساعدتهم لبدء مشاريعهم الصغيرة، ليصبحوا بذلك رواد أعمال في المستقبل، قادرين على العمل في بيئة ومحيط تجاري جاذب، يمكنهم من تحقيق أحلامهم، ولا سيما أن الصندوق يعتمد في منهجيته المرتبطة بتمويل ذلك النوع من المشاريع، إلى انتهاج استراتيجية طموحة، تهدف بالوصول بصاحب المشروع إلى الريادة، من خلال مساعدة صاحب المشروع لتحويل فكرة مشروعه، إلى مفهوم عملي واقعي ومدروس.
أخيرا وليس آخرا، تعول الحكومة السعودية على صندوق المئوية، أن يكون رافداً أساسياً ورئيساً في توفير الدعم المادي واللوجستي للشباب والشابات السعوديين والسعوديات، ليصبحوا أعضاء نافعين لأنفسهم ولوطنهم في المقام الأول، ثم للاقتصاد الوطني من خلال إقامة مشاريع اقتصادية فاعلة تسهم في تنويع القاعدة الاقتصادية للمملكة، إضافة إلى توفير الوظائف للمواطنين من الجنسين، ولاسيما بعد أن رسم الصندوق لنفسه استراتيجية عمل جديدة، تعمل على تغيير متطلبات العمل خلال الفترة القادمة باتجاه الريادة والتفوق والتميز، لما فيه مصلحة المواطنين من الشباب والوطن على حد سواء، والله من وراء القصد.