خبراء تغيير المحبة إلى كره
تسعى كثير من المنظمات والجهات الإدارية إلى تعظيم روح الولاء والوفاء لدى العاملين، وتقوم من أجل ذلك بوضع العديد من البرامج التطويرية لمنسوبيها لتعظيم هذه العناصر إضافة إلى وضع معايير لقياس مستوى الإخلاص لديهم عاماً بعد عام، ووضع الحوافز المادية والمعنوية واللقاءات السنوية لتعميق روح الولاء في نفوس الموظفين، وكثير منا يستطيع أن يحدد مستوى الحب والتقدير الموجود لدى أي موظف في أي منشأة ويشعر بذلك من خلال أول دقيقة يقضيها معه، بل أحياناً قد لا تحتاج إلى أن تلتقي بالموظف ويكفي أن تسمع صوته في الهاتف لتعرف من خلاله مدى حبه وإخلاصه للجهة التي يعمل فيها.
وكثيرا ما يشتكي بعض المديرين من ضعف ولاء وإخلاص العاملين معهم، ولكن للأسف فإن كثيرا من هؤلاء العاملين مظلومون في كثير من الأماكن، وهم من المخلصين الأوفياء الصالحين الذين قدموا الكثير والكثير لأعمالهم التي يعملون فيها وأخلصوا عشرات السنين وقدموا الغالي والنفيس من أجل مصلحة الجهات التي عملوا فيها وقضوا زهرة شبابهم وضحوا بصحتهم وأعمارهم في سبيل ما يعملون من أجله وكانوا يتوقعون مقابل كل هذه التضحيات أن يجدوا التكريم والتقدير، ولكن للأسف أن بعضهم وجد مقابل ذلك الجحود والنكران والقهر والاستبداد. أولئك المظلومون لم يقوموا بما قاموا به طوال تلك السنين إلا من محبة خالصة ومن شغف بما كانوا يقدمونه من خدمات وأعمال جليلة ومن يقين بأن لهم رسالة وواجبا يجب أن يبذلوا من أجله كل جهد، ولكن للأسف في مقابل ذلك كله وبعد عشرات السنين من ذلك الوفاء والتفاني يكون جزاؤهم كجزاء سنمار.
بعض المديرين في بعض الجهات يبدع إبداعاً في تغيير هذا المخزون العظيم من المحبة والتقدير والموجود لدى أولئك الكادحين والمحبين لجهات عملهم إلى كره وحقد من خلال ما يقدمه لهم من إذلال ومهانة ومن خلال ما يضعه من تشريعات وأنظمة وقوانين ومن خلال ما يعمد إليه من مجاملات لبعض من لا يستحقون، فترى بعض العاملين الذين يعشقون عملهم يعمدون إلى الخروج من أعمالهم لعدم تمكنهم من مجاراة مثل هذه السلوكيات والتعامل معها ومن لا يتمكن من الخروج تجده كارها ناقما على منشأته لا لشيء إلا لوجود مثل هذه النوعيات.
بعض المديرين وقادة الأعمال يبذلون الغالي والنفيس في سبيل أن يحظوا بحب وتقدير زملائهم لعملهم، فتراهم يحفزونهم تارةً مادياً وتارة معنوياً لقناعتهم بأن الإنسان يستطيع أن ينتج أضعاف إنتاجه إن عمل عملاً يحبه ويعشقه، وحتى بعد أن يتمكنوا من زرع ذلك الحب والوفاء والإخلاص في قلوبهم تجدهم يعملون جاهدين للمحافظة عليه وتنميته باستمرار.
إن القضية لا تنحصر في الأشخاص ولا تبقى في إطار الشركات والمؤسسات بل القضية تشمل كل المحبين الذين يقدمون المحبة والإخلاص والوفاء ويعملون بصدق وتفان ويأملون في أن يجدوا في مقابل ذلك تغييرا إيجابيا، إلا أنهم يفاجأون بالتقصير والإهمال والنكران والتجاهل بل قد يمتد هذا الأمر إلى الظلم والقهر والاستبداد.
إن الحب والتقدير في قلوب الناس ثروة عظيمة إن وجدت، فيجب علينا أن نسعى للمحافظة عليها وتنميتها فالمحب المخلص لا حدود لما يمكن أن يقدمه من إنجاز، ومن غير المعقول أن نقضي على هذه الطاقات ونقوم بتدميرها من خلال سلوكيات وتصرفات وقرارات وإجراءات عقيمة وغريبة لا أصل لها ولا مبرر فنفاجأ بأن ذلك الرصيد من الحب قد انقلب إلى كره وذلك الوفاء قد أصبح حقدا قد ينقلب إلى خيانة في يوم من الأيام، وكل ذلك لأننا لم نحسن الوفاء لمن أحبنا وأخلص لنا.