«العربيزي» وهوية صناعة المصرفية الإسلامية

اسمحوا لي اليوم أن أعرف ''يور جود سيلفز'' بصناعة ''الإسلاميك فاينانس'' حيث إنها تعتبر من أكثر الصناعات ''بومينج'' على مستوى ''الجلوب''. تشتمل الصناعة على أكثر من 600 ''آي إف آيز'' تعمل في أكثر من 50 ''كونتري'' لكن ''بليز نوت'' أن هذه المؤسسات لا تشتمل على ''الإسلاميك ويندوز'' التي تعمل ضمن بنوك ''الكونفينشينال'' ولا تشتمل على ''الإسلاميك فندس'' ولا شركات ''آل تكافل'' – يعني ''إسلاميك إنشورنس''. ويبلغ الـ ''توتال أسيتس'' لهذه المؤسسات ''أبوف'' الـ 800 ''بيليون دالارز'' ''أكوردينج 2 ذا'' الجهات المختصة في ''الإنفورميشين كوليكشين''. كما أن هناك أمر ''فيري إمبورتانت'' عن ''الإسلاميك فاينانس'' وهو أنها ''ريلايز هيفيلي'' على الـ ''إيميتيشين'' في عمليات الـ ''بروداكت ديفيلوبمنت'' حيث إن الخبراء فيها ''يوجوالي إمبورت'' الـ ''كونفينشينال بروداكتس'' ومن ثم يجروا عليها ''شريئة ستركتشرنج'' دون الاكتراث '' 2 أني ثينج إيلس'' فيما يتعلق بالمقاصد الشرعية ''شريئة أوبجيكتيفز'' أو المآلات ''إيند ريزلتس'' للمنتج..
لا تستغرب عزيزي القارئ!! فلست أذكر هذه الفقرة من باب التندر وإنما أذكرها كحقيقة واقعة ربما يتكرر ما يشابهها آلاف المرات يومياً من أفواه أناس من بني جلدتك تلقوا تعليمهم من جهات أجنبية فكانوا أقوياء مهنياً على حساب لغتهم العربية، أو أنها تخرج من أفواه عرب أحرار يتشدقون باللفظ الأجنبي كوسيلة لتعويض النقص الحاصل لديهم من خلال جعل الناس يظنون أنهم من طبقة اجتماعية معنية. وفي كلتا الحالتين ليس لنا إلا أن نعود إلى قول الشاعر حافظ إبراهيم عندما رثى اللغة العربية بلسانها فقال:
ولدت فلما لم أجد لعرائسي *** رجالاً وأكفاءً وأدت بناتي

فهل صحيح أن لغتنا العربية لا تجد لبناتها رجالاً وأكفاءً من صناعتنا المالية الإسلامية فقررت أن تئد بناتها بعد أن قرر الخبراء الماليون من بني جلدتنا أن يتخذوا خلائل من لغة العم سام؟
أرى لرجال الغرب عزاً ومنعة ****** وكم عز أقوام بعز لغات
أتوا أهلهم بالمعجزات تفننا ً ****** فيا ليتكم تأتون بالكلمات

ومن باب الإنصاف، لا بد لنا أن نذكر أن اللغة الإنجليزية أسهمت إسهاماً كبيراً في نشر الصناعة المالية الإسلامية في أرجاء العالم كافة بسبب عالمية اللغة الإنجليزية ودنو همة أصحاب اللغة العربية، وبسبب كثرة المؤلفات الإنجليزية التي تتعلق بالصناعة.. ومن باب الإنصاف أيضاً أن نذكر أنه من العار ومن الوهن أن تنتشر الصناعة بغير لسان أصحابها، تماماً كما هو عار أن يستخدم أصحاب الصناعة الأصليين غير اللغة العربية أو لغة مسخ بين العربية والإنجليزية ''العربيزية'' لتصريف أعمال صناعتهم. فتخرج معهم جمل كأثواب الغجر المرقعة.
سرت لوثة الإفرنج فيها كما سرى *** لعاب الأفاعي في مسيل فرات
فجاءت كثوب ضم سبعين رقعة *** مشكلة الألوان مختلفات

وذات مرة تناقشت مع أحد المتحدثين ''بالعربيزية'' حول السبب الذي يدعونا إلى استخدامها، فكان منه أن قال اننا تلقينا دراستنا المالية في الدول الأجنبية وتعلمنا المصطلحات العلمية والمهنية من أمهات كتبهم، وفي المقابل لا نجد رديفاً معيارياً لتلك المصطلحات في لغتنا!! حقاًَ هذا جواب منطقي يقبل فيه عذر المعتذر، ولكن من للغتنا العربية التي هي عنوان هويتنا وثقافتنا؟ ومن سيتصدى لتوحيد الترجمات الاصطلاحية المعيارية؟ إننا هنا في موقف شائك. فعلى الرغم من وجود عدد لا بأس به من القواميس الإصطلاحية التي تغطي الجوانب المالية والاقتصادية إلا أنها لا تزال تختلف في معياريتها لترجمة الكثير من المصطلحات.. فإخواننا في مصر لهم نكهة تعريبية خاصة تختلف عن إخواننا في العراق.. وعنهم في الأردن أو سورية.. أو عنهم في جزيرة العرب. ربما نكون في أمس الحاجة إلى وقفة نهضوية من مجمع اللغة العربية لتعريب المصطلحات المالية والمصرفية تعريباً معيارياً مقبولاً قبولا عاماً.. فكما تعلمون أن اللغة العربية التي أعجزت العالم أجمع من خلال القرآن الكريم لا بد وأن تكون قادرة على استيعاب كافة معطيات العلوم الأخرى حتى لو كانت بلغات أجنبية.
وسعت كتاب الله لفظاً وغاية ****** وما ضقت عن آي به وعظاتِ
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلَةٍ ****** وتنسيق أسماء لمخترعاتِ
أنا البحر في أحشائه الدر كامن ****** فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي؟

وإلى أن يتم أمر الله في الترجمة المعيارية، فإنه يمكننا أن نستخدم المصطلح الأجنبي مع وضعه بين قوسين وذكر المصطلح العربي الذي نظن أنه يوافقه... والأهم من ذلك أن نعلم الأجنبي طبيعة ومعني المصطلح العربي ولا نقبل بأن يكون العكس هو السائد. فبينما نحن نناقش موضوع البيوع المحرمة شرعاً في إحدى المحاضرات، قال لي أحد الطلاب أن ''بيء ألينه'' هو من الأمثلة على تلك البيوع. فصفنت فترة في جوابه، وطلبت منه تكرار اللفظ حتى أتمكن من معرفة ما يقول أو ماذا يقصد. فظل يردد مصطلح ''بيئ ألينه'' .. ''بيئ ألينه''.. ''''بيئ ألينه''... إلى أن حدث التوافق بين ما يقول وبين قاموس مصطلحاتي لأكتشف انه يقصد ''بيع العينة''.. لكن كما تعلمون أن حرف العين في اللغة العربية لا يوجد له ما يرادفه في اللفظ في اللغة الإنجليزية وهو ما جعل ذلك الطالب يلفظه على النحو الذي علمتم به، ولكنكم لم تعلموا أن هذا الطالب هو عربي ابن عربي ابن عربي حتى الجد الـ 100 بل حتى يصل إلى أحد أجداد العرب المستعربة.
في حقيقة الأمر أن ما حصل مع طالبي النجيب (بالمناسبة هو نجيب بما تعنيه الكلمة) هو أنه تلقى أولى مواده الدراسية في ''الإسلاميك فاينانس'' على يد مدرس مسلم عربي ذي جنسية أمريكية الأمر الذي أدى إلى تحريف المصطلح العربي الأصيل إلى ما قرأتم لتوكم!!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي