العيد والجوانب الاقتصادية للأسرة

لقد رحل رمضان بكل ما يحمله من الروحانية ومناخ الطمأنينة والسكينة، وبكل ما يحويه من عادات جميلة ترتبط ارتباطا وثيقا بزمنه فقط دون غيره من أشهر السنة، وبمجرد دخول رمضان يبدأ الأطفال باستمرار يتساءلون عن العيد متى يأتي العيد وكم يوما بقي على انتهاء رمضان؟.. فالأطفال لهم فرحتهم المميزة في أيام العيد وكل ما يصحبها من سلوكيات ربما اختفت - مع الأسف - لدى البعض، لكنها لا تزال موجودة لدى البعض الآخر مثل "العيدية"، وعلى الرغم من أن الأطفال يستمتعون بملابس مختلفة أثناء السنة كاملة، إلا أن ملابس العيد لها طابع في نفوس الأطفال من الفخر والتباهي واستعراض الفرح بتلك الملابس أمام الأقارب والأهل والأصدقاء.
ولعل العيد في بعض الأسر يأتي رديفا للتبذير والإسراف والاعتقاد بأن تلك المناسبة مبرر كاف لصرف المزيد الأموال باعتبار أن البعض يعتقد أن تلك المناسبة ميدان للتنافس، ونسي هؤلاء أن ذلك التنافس لا بد ألا يخرج عن الأسلوب الذي يفكر من خلاله الطفل فقط، لكن هناك من لا يعتقد ذلك، فقبل بضعة أيام قابلت إحدى السيدات وهي أم لثلاثة أطفال يعمل زوجها في وظيفة متوسطة الدخل، والمشكلة تكمن في أن تلك السيدة تدفع زوجها إلى أن يقترض كل عام قبل مناسبة العيد من أجل أن توفر ما ترغب توفيره من ملابس ومجوهرات قبل حلول مناسبة العيد، والحقيقة فإنك عندما تنظر إلى تلك السيدة تجد أن المشكلة لا تكمن فقط في الجوانب المادية، بل في الجوانب النفسية أولا، وهي التي تدفع تلك السيدة إلى المبالغة في اقتناء احتياجات العيد وكأنها هي الوحيدة التي تستطيع فعل ذلك، فالعيد فرحة المؤمن بإتمام صومه وفرحة الطفل باحتياجات العيد من ملابس وحلويات، أما المبالغة في الصرف المادي فلا مبرر لها، ولا أعتقد أن مناسبة العيد يجب أن تكون سببا في خلق مشكلة مالية ومشكلة نفسية للأبناء الذين لن يرضوا بأقل ما يقدم إليهم سنويا إلا إذا كان الوضع المادي للأسرة من الأساس ضعيفا ويحتاج إلى دعم خارجي كالقرض مثلا.
ولعل البذخ المادي ليس وحده مشكلة العيد، لكن هناك مشكلة أكبر وهي السفر في العيد والابتعاد عن الأهل والأقارب، وقد لا يدرك البعض أن الابتعاد عن الوالدين في العيد مؤلم جدا لهما، حيث يفكر الكثيرون في نزهة أبنائهم قبل أن يفكروا في وحدة والديهم فقط ليقال "إن فلانا ليس موجودا في العيد!".
فهل ننساق خلف المظهر الاجتماعي لنعتقد أن حياتنا أصبحت أفضل؟!