Author

كي لا يُقتل الحماس!

|
خلال الأسابيع القليلة القادمة يعود ملايين الطلاب لمقاعد الدراسة في الجامعات حول العالم. مع عودتهم تبدأ رحلة تجميع الكتب الدراسية لكلّ مادة يدرسونها، هذا التقليد الذي لم تمحه التقنيات الحديثة حتى في أكثر بلدان العالم تطوراً. وعليه فإن الجامعات تستعد بتوفير الكتب في مكتباتها العامة وتلك المخصصة لبيع احتياجات الطلبة من الكتب وحتى القرطاسية والإلكترونيات، لكن التسوق للكتب الورقية التقليدية لا يعني أن تلتزم بالطريقة التقليدية للشراء. هذه الفكرة جاءت مع إطلاق شركة أمازون - Amazon الشهيرة خدمة Amazon Student في آب (أغسطس) الجاري، التي تعمل كبرنامج خاص على أجهزة iPhone وiPod Touch وiPad من ماكنتوش. فكرة هذا البرنامج تتلخص في إعطاء الطلاب فرصة للبحث والمقارنة بين أسعار الكتب المعروضة على رفوف المكتبة في الجامعة أو أيّ مكان آخر بأسعار تلك المعروضة في موقع أمازون. في حالة كان السعر مناسباً للشراء فإن الطالب بدلاً من شراء الكتاب بسعر أعلى؛ يطلبه مباشرة بضغطة واحدة ويصله خلال يومين وبلا تكلفة للشحن في أول ستة أشهر من الاستخدام. عملية المقارنة هذه تسهلها كاميرا الجهاز المدمجة عن طريق مسح الرقم التسلسلي Barcode للكتاب والبحث عنه مباشرة في الموقع، إذ إنّ الطالب لن يحتاج حتى إلى كتابة اسم الكتاب. أيضا يمكن للطلاب بعد نهاية الفصل الدراسي عرض كتبهم المشتراة للبيع من خلال أمازون وخدمته الموجودة مسبقاً Trade -in، يعرض الكتب أو الإلكترونيات بشرط أن تكون بحالة جيدة للبيع وتتكفل الشركة بقيمة الشحن على أن تمنح للبائع قيمة العملية كقسيمة شراء ورصيد متاح له في الموقع. هكذا يحتفظ الموقع بحقّه من الاستفادة من كمّ الزبائن وتقنين عمليات البيع والشراء وحصرها في منتجات "أمازون"، ويحصل الطلاب على خدمات ممتازة تتناسب وميزانياتهم المحدودة. تقنية "أمازون" الرائعة قد تقتصر مبدئياً على طلاب الجامعات في الولايات المتحدة - على الأقل من ناحية الشحن السريع والمجاني – لكنّها قد توفر مستقبلاً فرصاً للشراء وتبادل الكتب للطلاب حول العالم. هذا الحديث عن الكتب الجامعية ينكأ مشكلات قديمة عانيتها شخصياً وما زال الكثير من طلاب الجامعات المحلية يعانونها، مهما تقدم الوقت وتوافرت التقنيات والمكتبات حولنا إلا أن الكتب الجامعية كلّ عام معضلة حقيقية. والأسباب تبدأ بعدم توفيرها في الحرم الجامعي بداية ولا تنتهي عند الأسعار المتفاوتة والنسخ المحدودة. وكلّ عام نتساءل كطلاب – ومتفرجين بالضرورة: لماذا لا يتمّ التنسيق مبكراً بين الأساتذة الجامعيين والإدارات والمكتبات المحلية لتوفير عدد كاف من الكتب واستيرادها في حالة لم تتوافر؟ شخصياً أذكر أن بعض أساتذة المواد الدراسية يطالبون بالاستعانة بكتاب لا توجد منه سوى نسخة واحدة يمتلكونها شخصياً، ويبقى الطلاب في انتظار النسخ المصورة – المسربة – على مدى الفصل الدراسي تحت ضغط نفسي هائل! وإن كان الطلاب محظوظين فإن الكتاب سيوجد بنسخ محدودة موزعة في أنحاء البلاد سيقومون بتصويرها بحذر شديد لكيلا تتهاوى الصفحات. وأقول محظوظين لأنهم على الأقل سيحصلون على مرجع دراسي محكّم وجيد، بينما تعتمد شريحة أخرى من الطلاب على قصاصات وكلام مسجل نقلاً عن محاضرات الأساتذة تتفاوت الصحة فيه بحسب تفاوت طول نفس الطلاب المسجلين لها. الحديث عن التقنية الجديدة المتاحة لطلاب الجامعات الأمريكية يعيدني رغماً عنّي إلى مشكلة الكتب الجامعية التي نعانيها، والحلول متاحة وسهلة، وأنا أقول ذلك لأنني على يقين أنّ الجهود الإضافية القليلة التي يمكن للأساتذة والجامعات والمكتبات بذلها ستغير من هذا الوضع. بينما يستمتع المحاضرون بإجازتهم السنوية يكفي اقتناص بعض الساعات أسبوعياً - وليس يومياً - للاطلاع على مراجع جديدة وترتيب محاضراتهم للطلاب القادمين بحماس لاستقبال العام الجديد. بينما يحار الطلاب الأمريكيون في اختيار كتبهم المتنوعة والجديدة يعاني الطلاب هنا ندرة الكتب الأكاديمية وصعوبة الوصول إليها. ولكيلا أكون ظالمة وأعمم في حديثي هذا لن أنسى أن أشيد ببعض الجهات التعليمية التي تحاول قدر الإمكان توفير الكتب ومنح الطلاب الخصومات عليها لتسهل عليهم اقتناؤها والاستفادة منها. إذا كنّا نريد إصلاح وتطوير التعليم يجب البدء بالمربع الأول، أي البدء بتوفير المناهج والمصادر التعليمية اللازمة لكلّ طالب وطالبة.
إنشرها