لماذا يعانون الخجل الاجتماعي؟!
تختلف الأسر في تعليم أطفالها المبادئ والأخلاق، بل هناك أخلاق ينص عليها ديننا الإسلامي من الأساس كالصدق والأمانة وتحريم السرقة، وهي أسس مهمة لا بد أن يتشربها الفرد من أسرته، لكن من الأمور المهمة أيضا، التي تبنى بها الشخصية، موضوع التعامل مع الآخرين، وهذا التعامل مفتاحه الأساسي هو الحوار، ولا يبنى الحوار الإيجابي إلا من خلال تفعيل الثقة بالنفس، فكلما كان الفرد واثقا بنفسه وبذاته كان حواره مع الآخرين إيجابيا، ولو نظرنا إلى الأطفال تحديدا لوجدنا أن الأسر تختلف اختلافا واضحا في تنمية لغة الحوار الإيجابي، فهناك من يزرع في أطفاله لغة التحدي اعتقادا بأن هذا هو الحديث الإيجابي، وهناك من يصنع من لغة ابنه سلاحا لفظيا يتطاول به على الآخرين ويعتبره نوعا من إثبات الحق وتعزيز الذات، لكن مع هذا كله لا يزال الكثير من الأطفال سواء من تلك الفئات المذكورة أو غيرها يعانون الخجل الاجتماعي. وقد نتساءل كيف تكون لغة الحوار سلبية وفي الوقت ذاته هناك معاناة من الخجل الاجتماعي! والمتأمل لهذا سيدرك أن هناك نقطة اشتراك كبير، لأن كلتا الفئتين لا تملكان حوارا إيجابيا تستطيع أن تبرزه بكل ثقة أمام جماعة من الناس، فنحن نشاهد الكثير من أطفالنا عندما يتحدثون في مقابلات قصيرة على التلفزيون لا يدركون إطلاقا كيف يرتبون الردود أو حتى يجيدون الإجابة، وبلا مبالغة نجد أشكالا من التهتهة والتأتأة وكأن هذا الطفل لم يتحدث في حياته قط بينما تجده يدرك مترادفات متعددة من الكلام السلبي.
ولعل السخرية التي يتعرض لها كثير من الأطفال من قبل والديهم أثناء الحديث الجاد مع أولئك الآباء بمعنى إتقانهم مصطلحات لائقة، أن تلك السخرية هي التي تهز الثقة بالنفس لدى أولئك الأبناء حتى إن كان من باب المزاح أو ''التنكيت'' من قبل الآباء، فإن الأطفال الصغار أو من هم في سن المراهقة لا يدركون هذا المزاح، الأمر الذي يعرقل لغة الحوار أو الردود اللفظية الإيجابية لدى الطفل، بينما لو أتى ذلك الطفل ليحكي لوالديه استخدام ألفاظ سلبية أو غير لائقة من الشتم وغيره تجاه صديقه الذي أخذ قلمه في الفصل مثلا فإنك ستجد أن هناك من الآباء من يسعدون كثيرا ويعتقدون أن اللفظ غير اللائق أقوى وأشد قوة من اللفظ اللائق في كثير من المواقف، ومن هنا تنمو اللغة السلبية، والدليل على ذلك أننا نجد أن الطفل عندما يلتحق بالروضة ويلتقط منها ألفاظا جميلة جدا مثل ''أنا فخور بك'' أو ''بارك الله فيك''، فإنه سرعان ما يقابل بالسخرية من الأهل بمجرد استعمال تلك الألفاظ الإيجابية داخل المنزل وينمو الطفل خجولا من تلك الإيجابيات. لهذا نحن نواجه عددا غير قليل من الأفراد الذين سرعان ما يعتدون عليك لفظيا إذا أخطأت، لكنهم – مع الأسف - لا يعرفون أن يقولون ''شكرا'' إن قدمت لهم شيئا يستحق ذلك، مثل هؤلاء لا بد أن يعيدوا النظر من جديد في تعاملاتهم مع الآخرين!