هل هو باب تيبتي يفتح للصين؟

أتبعت الصين على الفور انتخاب لو بسانج سانجاي، الأستاذ في كلية القانون بجامعة هارفرد، رئيسا لحكومة التبت في المنفى، برفض لأي محادثات معه حول مستقبل الإقليم. غير أن ذلك يجب ألا يعتبر رفضا مطلقا من جانب بكين، إذ إن تقاعد الدالاي لاما من رئاسة حكومة المنفى، واحتفاظه بدور القائد الروحي، يمكن أن يتيح فرصة لإجراء محادثات بين ممثليه والحكومة الصينية. ولم يعد الدالاي لاما بعد الآن مسؤولا في حكومة لا تعترف بها بكين.
الأكثر من ذلك أن على بكين أن تقدّر أهمية خطابه الأخير إلى برلمان التبت في المنفى، حيث قال إنه نتيجة لتغييرات مقترحة ''فإن بعض مبادراتي السياسية مثل الدستور المؤقت لمستقبل التبت (1963)، والخطوط الإرشادية للسياسة المستقبلية للتبت (1962)، سيتم التخلي عنها''.
لقد كان ذلك بالفعل تخليا عن استقلال التبت، حيث كانت الوثيقة الخاصة بعام 1963 ملتزمة باستقلال الإقليم. وبينما لم تكن خطوط الإرشاد الخاصة بعام 1962 تدعو إلى الاستقلال، فقد كانت هنالك مؤشرات إلى أن الإقليم ليس جزءا من الصين. وإن القول إن هاتين الوثيقتين لم تعودا موجودتين يعني أن الدالاي لاما فتح بابا أمام بكين.
إلى جانب كل ذلك، فإن الدستور المؤقت الجديد يشجع إجراء محادثات بين الدالاي لاما وبكين، ويؤكد أن قداسة الدالاي لاما الرابع عشر تظل منخرطة في جهود تهدف إلى التوصل إلى حل يرضي الطرفين في قضية التبت، وتحقيق الأهداف المرجوة لشعب الإقليم.
على الرغم من أن الدالاي لاما يجعل دوره الآن مقتصرا على الجانب الروحي، وليس العملي، فإن الاحترام الذي يكنّه له سكان هذا الإقليم واضح، حيث يصفه الدستور الجديد بأنه ''الدليل المنير للمسار، والقائد الأعلى، ورمز الهوية التبتية، وصوت كل شعب الإقليم''. ومن المؤكد أن من الصعب أن يحل أحد محله. وكانت الصين قد اعتبرت تقاعده خدعة للمجتمع الدولي.
فسّر الأستاذ روبرت بارنت، المختص في شؤون التبت في جامعة كولومبيا، شكوك الصين في مقال حديث له في مراجعة نيويورك للكتب، حيث ذكر سابقة حدثت في القرن السابع عشر لتقاعد لأحد الدالاي لامات، إذ تم اعتبار ذلك مؤامرة لمنع الصين من اختيار خليفة له. وتفيد الرواية بأن الدالاي لاما الخامس - وهو رجل ذو قدرات خارقة - عيّن في عام 1679 أحد شباب الإقليم كولي عهد له، بينما تقاعد. وكان قصده منع محكمة مانشو في بكين من التدخل في تعيين خليفة له بعد موته. وأعطى تعليمات بعدم الإعلان عن وفاته؛ ولذلك أعلن ولي عهده في عام 1982 حين مات الدالاي لاما أنه يعيش في خلوة. ولم يعلم إمبراطور الصين بوفاته طوال 14 عاما، وحين علم بذلك كان الدالاي لاما الجديد قد تم تحديده، وتعليمه، دون أن يكون لبكين دخل في عملية اختياره.
ووفقا للتقاليد السائدة، فإنه لا بد من أن يختار الدالاي لاما القائم من يخلفه وفق عملية متفق على تفاصيلها. وإذا اختلف تعيين أبناء هذا الإقليم في الخارج لشخص الدالاي لاما عن اختيار بكين، فإن هذه المشكلة قد تبرر بالنسبة إلى الدالاي لاما الخامس عشر. وسبق للدالاي لاما الحالي أن أعلن أن أبناء الإقليم في الخارج سيتفقون على شخصية الدالاي لاما المقبل، بينما يكون الحالي على قيد الحياة. وأعلن كذلك أن مجموعة رهبان الإقليم في الخارج اجتمعوا لمناقشة كيفية اختيار خليفته، وقال ''إن العام الحالي ربما يشهد نتيجة لتلك الاجتماعات''.
من المؤكد أن ذلك سبب إضافي لجعل بكين تتحدث إلى الدالاي لاما الذي يتمتع بكل هذا الاحترام بين أبناء إقليمه، والذي بلغ 75 عاما من عمره. ولا يتوقع أن يتمتع خليفته بمثل هذا الاحترام، والتقدير. وقد لا يعمل الخليفة على الالتزام بالإبقاء على التبت جزءا من الصين، بينما يطالب باستقلال الإقليم في الوقت ذاته.
إن الوقت يمر سريعا، ليس فقط بالنسبة إلى الدالاي لاما، وإنما كذلك بالنسبة إلى بكين للتوصل إلى اتفاقية معه بينما لا يزال في مركز يضمن له تأييد أبناء الإقليم لأي اتفاقية يمكن التوصل إليها.

خاص بـ «الاقتصادية»
حقوق النشر: Opinion Asia

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي