الانتخابات البلدية .. بل المشاركة واجب وطني

أتفهم أن يبدي مواطن رأيه في الانتخابات البلدية، وأن ينتقد الدورة السابقة، ويرى أنها لم تحقق ما كان مؤملا منها، وأن يطالب بتوسيع صلاحيات أعضاء المجالس البلدية، ومنحهم الاستقلالية، وجعل من مهماتهم مراقبة ما ينفذ من مشروعات، ومدى التزام الشركات والمؤسسات المنفذة بالعقود. بل أن يحتج على إبعاد المرأة عن هذه الانتخابات، فالمرأة لا أحد يجادل أنها جزء رئيس من المجتمع، ودورها في الانتخابات البلدية سيكون كبيراً إذا ما أتيح لها المجال للانتخاب، بل وتستطيع أن تقوم بأعمال يعجز عنها الرجال، بسبب قربها من حراك المجتمع، وبما يتعلق بالأسرة من مرافق.
كل هذا أمر مفهوم، ويحق لكل مواطن أن يبدي رأيه فيه، طالما أن هذا الرأي يصب في مصلحة الوطن، ويتوافق مع أية خطوة تحقق مشاركة المواطن في اتخاذ القرار، لكن ما لا يمكن فهمه هو أن نرى حرص الدولة على توسيع المشاركة الشعبية من خلال الانتخابات البلدية، ونشر كل ما يشجع على هذه المشاركة، ثم نرى من يدعو إلى مقاطعة هذه الانتخابات، سواء عبر مقال أو ضمن بيان، فإعلان المقاطعة وحث الناس عليها، ليس عملا إيجابياًً، مهما كان المبرر الذي يساق لمثل هذه الدعوات، خاصة إذا كان بعض من يدعو إلى مقاطعة الانتخابات البلدية اليوم، كان بالأمس ينتقد تأجيل هذه الانتخابات.
الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات البلدية، أمر لا يمكن أن يتحقق لأسباب، منها وعي المواطن وإدراكه أنه مهما كانت هناك ملاحظات على الانتخابات السابقة، وعلى الصلاحيات الممنوحة للمجالس البلدية، إلا أن التفاعل مع هذه الانتخابات هو السبيل الوحيد إلى دفع المجالس البلدية لتحقيق ما يؤمله المواطن منها، كما أن المشاركة في هذه الانتخابات بوعي وحسن اختيار، سينعكس إيجاباً على نتائج الانتخابات، خاصة أن عدد المتقدمين لترشيح أنفسهم في هذه الدورة من المتوقع أن يكون أقل من الدورة السابقة، بعد أن أدرك الجميع أن عضوية المجالس البلدية ليست مغنماً، بقدر ما هي مسؤولية تجاه المجتمع.
قلة عدد المتقدمين إلى مراكز التسجيل حتى الآن أمرٌ واضح، ومن أسبابه أننا اعتدنا أن نؤجل كثيراً من أمورنا إلى اليوم الأخير.
هذه الدورة سيتاح لها من الصلاحيات ما لم يكن للدورة الأولى، وهذا ما لمح له رئيس اللجنة العامة للانتخابات البلدية الأستاذ عبد الرحمن الدهمش حين قال: إن نظام المجالس البلدية الذي سيُعلن عنه قريباً يتضمن منح أعضاء المجالس المنتخبة صلاحيات عديدة، منها متابعة المشاريع ورفع تقارير عنها، ومتابعة الإيرادات والاستثمارات، والمشاركة في لجان توزيع الأراضي، ومتابعة المخططات المعتمدة، والإجراءات التي تمت بشأنها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي