حقوق الطفل: يعمل.. لا.. يتظاهر.. نعم
نشرت وكالة رويترز للأنباء صورة لطفل لا يتجاوز الثالثة من العمر، تحت عنوان '' طفل يمني يرفع خنجراً وهو محمول على الأعناق خلال مظاهرات صنعاء''، هذه الصورة مثلها كثير من الصور، نشاهدها كل يوم عبر القنوات الفضائية لأطفال يزج بهم في المظاهرات بعد أن تُطلى وجوههم بالأصباغ، وتُكتب على راحات أيديهم الشعارات، وهم في هذه الحشود التي لا يدركون أسبابها، يتعرضون لمخاطر كبيرة تصل إلى حد القتل، ورغم ذلك نادراً ما نسمع صوتا محتجاً، يصدر عن جمعيات حقوق الإنسان، أو حقوق الطفل، أو نسمع حديثاً عن الأثر النفسي السيئ الذي ينتج عن تعريض هؤلاء الأطفال لمثل هذه الأوضاع.
والغريب أن نجد تركيزاً واضحاً من قبل القنوات الفضائية ووكالات الأنباء على هؤلاء الأطفال، وكأنهم جزء من أدوات اللعبة السياسية التي تشهدها بعض العواصم العربية، ولا علاقة لهم بما أعلن عنه من قوانين تتعلق بحماية الطفل.
وأنا أشاهد هذه الصور التي تعرضها القنوات الفضائية، أتذكر تلك الاحتجاجات التي تبرز حينما تنشر صحيفة من الصحف صورة عابرة لشاب يمارس البيع في أحد الأسواق، فيجري الحديث عن حقوق الطفل، وتمارس الضغوط حتى يُبعد عن مكان البيع والشراء الآمن الذي يُعد فرصة تدريب، إضافة إلى ما يحققه من فائدة مادية تمنعه من الانحراف وتغطي احتياجاته، وربما احتياجات أسرته.
فقبل ثلاث سنوات، وخلال أحد مهرجانات التمور في المملكة، نشرت إحدى الصحف المحلية صورة أطفال فوق سن العاشرة يعملون في السوق، وتعرضت إدارة المهرجان لانتقادات على سماحها بعمل هؤلاء الأطفال، فسارعت إدارة المهرجان إلى منع الأطفال من العمل داخل ساحات المهرجان.
عدم تدخل جمعيات حقوق الإنسان في عملية جر الأطفال من مدارسهم إلى ساحات التظاهر، واتخاذهم دروعاً بشرية، يشكل نوعاً من التخلي عن مسؤولياتها ، بسبب الخوف من أن تتهم بمعارضتها للتظاهر، مما يعني أنها قدمت الحرص على صورتها الإعلامية على التمسك بما ترفع لواءه من مبادئ.
وللتذكير، فالمبدأ التاسع من إعلان حقوق الطفل الصادر عن الأمم المتحدة في تشرين الثاني (نوفمبر) 1959م ينص على أنه: (يجب أن يتمتع الطفل بالحماية من جميع صور الإهمال والقسوة والاستغلال، ويحظر الاتجار به على أية صورة، ولا يجوز استخدام الطفل قبل بلوغه السن الأدنى الملائمة، ويحظر في جميع الأحوال حمله على العمل، أو تركه يعمل في أية مهنة، أو صنعة تؤذي صحته أو تعليمه، أو تعرقل نموه الجسمي أو العقلي أو الخلقي).