مجلس التعاون الخليجي .. واستعادة الدور

الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية حالياً، خاصة ما تشهده البحرين واليمن، كشفت أن هناك قوة خليجية كانت معطلة، تتمثل في العمل الجماعي من خلال منظومة مجلس التعاون الخليجي، وسبب تعطيل هذه القوة ما حصل من تراخ كبير وانصراف دول المجلس عن استثمارها، اعتقاداً بأن المخاطر قد زالت بسقوط نظام صدام حسين في العراق، إلا أن الأحداث الأخيرة كشفت أن هناك مخاطر أعظم وأطماعا أكبر تهدد دول المجلس مجتمعة، مما يتطلب العودة إلى تفعيل دور المجلس، لتأخذ دول المجلس زمام المبادرة كمجموعة موحدة السياسات والأهداف.
وكان نجاح دول مجلس التعاون في تجنيب مملكة البحرين ما كان يدبر لها تحت غطاء المطالبات الشعبية دافعا قوياً لعودة المجلس إلى الواجهة لتوحيد جهود دول الخليج الست في معالجة القضايا التي تهدد أمن واستقرار المنطقة، فكان أن بدأت دول المجلس تحركاً مهماً آخر لإزالة الاحتقان الخطر الذي يشهده الشارع اليمني.
دول مجلس التعاون الخليجي في تحركاتها الجماعية، انتهجت أسلوباً مغايراً لما يطبع سياسات دول المجلس، من مجاملة وإحسان ظن بنوايا بعض القوى، ولهذا جاء تعامل دول المجلس مجتمعة حازماً في التعامل مع الأطماع الإيرانية، واضحاً في توجيه رسائله، كما جاء حاسماً في السعي لحل الوضع المتأزم في اليمن من خلال دعوة الأطراف المختلفة لحوار الرياض، الذي يهدف إلى تجنيب اليمن وشعبه مخاطر قد تؤدي به إلى حرب أهلية، أو تفكك، أو أن يكون بؤرة صراع لقوى وجماعات متطرفة.
هذا التحرك من قبل دول المجلس تجاه اليمن، يؤكد أن اليمن ليس ببعيد عن منظومة مجلس التعاون الخليجي، ويمكنه أن يكون عضوا فاعلا في هذه المنظومة إذا ما استطاع تجاوز ما يعانيه من معوقات وإشكالات.
الحراك الجماعي من دول المجلس الست لن يعجب إيران وحلفاءها في المنطقة، وستستمر حملاتها السياسية والإعلامية لدفع دول المجلس إلى التراجع عن خطواتها، خاصة ما يتعلق بقوات درع الجزيرة في مملكة البحرين، كما أن إيران ترقب الوضع في اليمن، وهي لن ترتاح لجهود دول المجلس لحل ما تشهده الساحة اليمنية من احتقان ومواجهات خطيرة.
الأوضاع الأخيرة كشفت لدول مجلس التعاون الخليجي قيادات وشعوبا أهمية تعزيز هذه المنظومة وتطويرها، وهناك إدراك واضح للمخاطر المحيطة بالمنطقة، وهذا ما جعل البعض يقترح قيام كونفيدرالية بين دول المجلس، وتوحيد وزارات الدفاع والخارجية والنفط بين هذه الدول، وتحويل قوات درع الجزيرة إلى قوات للتدخل السريع بعد تعزيز قدراتها العسكرية، لتكون قادرة على مواجهة التهديدات المحتملة.
هذه الكونفيدرالية التي يطمح إلى الوصول إليها البعض، قد تكون مرحلة متقدمة، يجب أن تسبقها خطوات أخرى، تتمثل في توحيد مواقف دول المجلس تجاه مختلف القضايا التي تؤثر في منظومة المجلس، خاصة القضايا الأمنية، وأن يكون هناك توحيد في السياسات الاقتصادية والتجارية والعمالية والرقابية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي