ملامح الوضع النفطي في ظل ثورة ليبيا «1 من 2»

ليبيا دولة عضو في منظمة الأقطار المصدرة للنفط ''أوبك'' وتفيد بعض المصادر بأن إنتاجها من النفط بلغ 1.58 مليون برميل يوميا في كانون الثاني (يناير) 2011. وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، أن ترتيب ليبيا كان الثاني عشر بين أكبر مصدري النفط في العالم في عام 2009، وبلغت أكبر احتياطيات النفط المؤكدة لديها 44 مليون برميل حتى كانون الثاني (يناير) 1010م. كما قدرت احتياطيات الغاز الطبيعي بنحو 54 تريليون قدم مكعب. وتستهلك ليبيا من إنتاجها النفطي نحو 270 ألف برميل يوميا وتصدر الباقي إلى الخارج ويتجه أكثر من 85 في المائة من صادراتها النفطية إلى أوروبا، بينما يتجه 13 في المائة شرقا عبر قناة السويس إلى آسيا. وأكثر الدول الأوروبية استيرادا للنفط الليبي هي إيطاليا التي تستورد نحو 32 في المائة من النفط الليبي، ثم ألمانيا التي تستورد 14 في المائة. وحسب إحصائيات صندوق النقد الدولي، فإن الصناعة النفطية في لبيبا تسهم بنحو 95 في المائة من الصادرات الليبية و85 في المائة من الدخل الوطني الليبي.
تتولى المؤسسة الوطنية للنفط المملوكة للدولة إدارة صناعة النفط في ليبيا. والشركات العالمية النفطية الكبرى العاملة في ليبيا، هي: ''إيني'' و''شتات أويل هايدرو'' و''أوكسيدنتال بتروليوم'' و''أو م في'' و''كونوكوفيليبس'' و''هيس كورب'' و''ماراثون'' و''شل'' و''يي بي'' و''إكسون موبيل'' و''وينترشال'' التابعة لـ ''بأسف للكيماويات''.
وتصدر ليبيا أنواعا متنوعة من الخام الخفيف من ستة مرافئ رئيسة، منها خمسة مرافئ في الجزء الشرقي من البلاد بالقرب من بنغازي ثاني أكبر مدن ليبيا. وصدرت المرافئ الخمسة الشرقية السدرة ومرسي البريقة ورأس لانوف وطبرق والزويتية 825 ألف برميل يوميا من النفط الخام في المتوسط في الأشهر الأربعة الأخيرة. وصدر مرفأ الزاوية الغربي بالقرب من العاصمة طرابلس 251 ألف برميل يوميا في المتوسط خلال الفترة نفسها.
وتقع معظم حقول النفط الليبية داخل وحول حوض خليج سرت الذي يحوز نحو 80 في المائة من الاحتياطيات المؤكدة للبلاد.
وتوجد لدى ليبيا خمس مصاف تبلغ طاقتها الإجمالية 378 ألف برميل يوميا. وهي الزاوية والسرير وسرت وطبرق ورأس لانوف.
في 17/2/2011 انفجرت ثورة شعب ليبيا ضد حكم العقيد معمر القذافي الذي استولى على السلطة في 01/9/1969 على إثر انقلاب عسكري أطاح بالنظام الملكي وأحل محله نظاما قمعيا استبداديا يعد من أشرس الأنظمة الاستبدادية في العالم. وأدت الاضطرابات والمعارك العسكرية بين الثوار وقوات القذافي إلى تراجع إنتاج النفط الليبي بنحو 1.5 مليون برميل في اليوم ليصل إلى ما بين 200 و300 ألف برميل في اليوم. وقامت شركات نفط أجنبية بإجلاء عمالها وارتفعت أسعار النفط بسبب الخوف من أن تؤدي هذه الاضطرابات إلى تهديد الإمدادات. إزاء ذلك أعلن المهندس على النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية السعودي أن السعودية و''أوبك'' تريان أن النفط في السوق العالمية كاف والمخزونات في مستوى مطمئن جدا، وأضاف قائلا: (لن ندع مجالا لأي نقص في الإمدادات؛ ولهذا أريد من المتعاملين أن يتوقفوا عن المضاربة ويذهبوا إلى النوم)، وأضاف (إن ''أوبك'' لديها احتياطي كاف من النفط لسد أي نقص من النفط الليبي في حال حدوث أي انقطاع من الإمدادات في ليبيا، حيث يوجد نحو أربعة ملايين برميل من النفط كسعة احتياطية في السعودية وحدها). ومن جهة أخرى قال دانييل بونمان نائب وزير الطاقة الأمريكي إن الولايات المتحدة ترى أن الأسواق مستقرة بشكل كبير، وأضاف (إذا حدث أي اضطراب في ليبيا فإن السوق العالمية تستطيع الحصول على النفط من أي مكان آخر، فهناك الكثير من الإنتاج الفائض لدى دول ''أوبك'' وهناك العديد من المصادر الأخرى). وأدت التطمينات السعودية إلى انخفاض الأسعار بعد موجة الارتفاع التي شهدتها الأسواق نتيجة القلق من نقص الإمدادات.
وصرح مسؤولون في بعض دول ''أوبك'' بأن تراجع إنتاج النفط الليبي ليس كبيرا عند مقارنته بالمستويات المرتفعة للمخزونات في أنحاء العالم، وأنه لذلك لا توجد حاجة لعقد اجتماع غير عادي لمنظمة أوبك للتباحث بشأن الأسعار التي ارتفعت فوق 110 دولارات للبرميل بسبب القتال الدائر بين الثوار وقوات القذافي والاضطرابات الأخرى في بعض دول الشرق الأوسط. ومن جهة أخرى، أفادت بعض المصادر بأن السعودية أنتجت أقل بقليل من تسعة ملايين برميل يوميا في آذار (مارس) الماضي، لكن صادراتها لم ترتفع، وأي كميات خام فائضة يجري تخزينها.
وأعلن متحدث باسم الثورة أن حقول النفط الواقعة في المناطق الشرقية من البلاد التي يسيطر عليها الثوار تنتج ما بين 100 و130 ألف برميل في اليوم، وأن حقول هذه المنطقة كانت تسهم قبل انخفاض الإنتاج بأكثر من ثلث عائدات قطاع النفط الليبي. وأعلنت قطر استعدادها لتسهيل بيع وتسويق النفط الليبي المستخرج من المناطق التي تقع تحت سيطرة الثوار. وفي 5/4/2011 صدر الثوار أول شحنة نفط من ميناء طبرق بمساعدة قطر التي اعترفت بالمجلس الوطني الانتقالي ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الليبي. وفي 9/4/211 عبرت قناة السويس ناقلة نفط تحمل أول شحنة نفط مصدرة من المنطقة الواقعة تحت سيطرة الثوار، متجهة إلى الصين، وأعلنت قطر أنها قد فتحت حساباُ مصرفيا خاصا تودع فيه عائدات بيع النفط الليبي المصدر من منطقة الثوار. وأعلن المجلس الوطني الانتقالي الذي يقود الثورة الليبية أنه يبحث خططا لإعفاء صادراته من العقوبات المفروضة على ليبيا بموجب قراري مجلس الأمن رقم 1970 و1973. وفي تقديري أن هذا الإعفاء له مبرر قانوني؛ لأن العقوبات المفروضة بموجب القرارين المذكورين كان المقصود منها معاقبة نظام القذافي الذي انتهك حقوق الإنسان، وبالتالي فإن من حق الثوار الاستفادة من عوائد بيع النفط المصدر من مناطقهم لتأمين الاحتياجات المعيشية لسكان هذه المناطق. ومن ناحية أخرى تعاني محطات الوقود في المناطق الرازحة تحت سيطرة القذافي من نقص واضح في الإمدادات؛ ما أدى إلى نشوء طوابير طويلة أمامها وبدأ نظام القذافي في استيراد البنزين من الخارج.
واتهم عبد الحفيظ غوقه، الناطق الرسمي باسم المجلس الوطني الانتقالي الليبي الجزائر التي تعارض التدخل العسكري الدولي في ليبيا، بأنها متورطة بتزويد نظام القذافي بالوقود والعمل (اللوجيستي)، وصرح رئيس الوزراء الجزائري أحمد أو يحيى بأن حكومة بلاده لن تبدي موقفا مساندا (للمتمردين) الليبيين إلا إذا دعمهم الشعب الليبي وأوصلهم إلى الحكم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي