التواصل .. محجوب!
يبدو أن معضلة التواصل لن تحل بسهولة في مجتمعنا السعودي!! ويبرز "التحجير" كحل مثالي للفصل في الخلافات أو لتحديد حيّز فهمك لمن أمامك .. قبل أن تحدد له حدود علاقته بك! فلا تواصل حقيقيا متاح مع السواد الأعظم من المسؤولين، ولا تواصل حقيقيا بين الآباء والأبناء، ولا الأزواج والزوجات، ولا حتى الزميل وزملائه..!! وفي الوقت الذي يدرس فيه بعض المبتعثين والمبتعثات تخصصا دقيقا لمرحلتي الماجستير والدكتوراه في علم التواصل.. أجدني مضطرا للتنبؤ بوضع وظيفي محبط، ليس في القطاع الحكومي، هذا إن استوعب نظام الخدمة المدنية معنى أن يكون المواطن حاصلا على الدكتوراه في التواصل في المقام الأول، بل في القطاع الخاص أيضا!!
التواصل، بمفهومه الحقيقي، لا يعني بالضرورة أن أكون أنا (المواطن) بحاجة ماسة للشكوى فأجد صندوقا للشكاوى مصنوعا من قشرة السنديان على يد نجار في محل (ديكور الزمان)! أو أن أجد، إذا تفاءلنا، موظفا ينصت لاحتياجاتي من باب السماح للمتضرر بالفضفضة! وإذا أخذنا الجهات الحكومية ومؤسساتها، كمثال، فمن المهم أن يستوعب المعنيون أن التواصل لا يتحقق دون أن يؤسس له تأسيس كامل بدءا من:
موقع إلكتروني فاعل، عنوان واضح، لوحة إرشادية ظاهرة، موظف بوابة لبق، طاقم مواقف سيارات، طاقم استقبال لا علاقة له بـ "الصونطران"!!، ابتسام في الاستقبال والتوديع، سخاء وحيوية في الخدمة، التزام بالمواعيد، صدق في توضيح الإمكانات، مراقبة أداء الموظفين، تنوير المستفيد بحقوقه والمطلوب منه، استمرار التعاطي مع المستفيد كإنسان له أهميته.. وغيرها مما يستعصي على المساحة.
الواقع يقول غير هذا! ولو جرب أحدنا، وزار موقعا إلكترونيا لوزارة على درجة كبيرة من الأهمية الخدمية، وجرب أن يرسل بريداً إلكترونياً للاستفسار عن أمر يهمة! كم موظفاً في إدارات التواصل أو العلاقات العامة سيجيب؟! وتظل كثير من الشركات والمؤسسات الأهلية الكبرى غير بعيدة عن هذه الأجواء! فالتواصل الفرضي يكون على أشده عند تسويق الخدمة.. فيما ينحسر ولا يبقى منه إلاّ الانتظار لساعات على الأرقام المجانية إذا حان وقت طلب الخدمات!
مخالصة:
التواصُـل..
حـرفة لا يجيدها الرجل السعودي كثيرا..
فيما تتقنها بنات جلدته.. حـَـدّ "إهداره"!