قبل وبعد فوات الأوان!
سبحان الله .. كل شيء في هذا الكون يمضي في توقيتات محددة .. الأرض تدور حول نفسها وحول الشمس في توقيتات من تنظيم الخالق العظيم .. وفي الحياة يكون التوقيت هو الفارق بين الحياة والموت .. الطائرات تزحم الفضاء، لكن كل منها تطير في توقيت محدد .. القطارات .. السيارات .. كل شيء يتحرك في الحياة لا بد أن يسير في موعده وفي وقته .. فإذا تقدم أو تأخر كانت الحوادث والمصائب.
وحتى تغيير نمط الحياة لا بد أن يكون في موعده .. والعقلاء هم الذين يضعون توقيتات لحركة حياتهم .. خاصة مستقبلهم .. والأمم كالأفراد لا بد أن ترى أو ترصد أو تتوقع أي قادم، فإذا لم تتحرك في التوقيت المناسب اصطدمت بالمفاجآت، والحياة حولنا على مستوى الأفراد والأمم تؤكد أن استشراف المستقبل وتوقيت حركة التاريخ هو الحل لتجنب المفاجآت والأحداث والثورات.
«بن علي» حاكم «تونس»، و«مبارك» حاكم «مصر»، و«القذافي» حاكم «ليبيا»، سقطوا لأنهم لم يروا المستقبل .. ولم يعرفوا أو تجاهلوا التوقيت .. أو فهموا ولكن بعد فوات الأوان .. فقال بن علي «الآن فهمتكم»، ولكن الأوان كان قد فات .. وأجرى «مبارك» تغييرات في نظام الحكم، ولكن بعد فوات الأوان . وها هو «القذافي» يعد ويعد، ولكن الأوان قد فات .. والتاريخ يحدثنا عن حكام قد سقطوا لأنهم لم يستشرفوا المستقبل .. وظلوا أسرى الماضي الكاذب الملفق حتى استيقظوا على الثورة .. إنهم لم يقرأوا التاريخ ولم يتعظوا بأحداثه.
وللعرب القدامى مثل عجيب يقول "من طلب الشيء في أوانه فقد فات أوانه"، أي على العاقل أن يطلب الشيء قبل أوانه .. فإذا جاء أوانه كان مستعداً له.
مشكلة بعض الحكام أنهم لا يقرأون التاريخ .. أمثلة كثيرة ولكن لا أحد يتعظ .. المثل يقول: "العاقل من اتعظ بغيره"، وكتاب "كليلة ودمنة" هو في مجمله مجموعة من المواعظ عن الحكم وأصوله .. والذين يتجاهلون التاريخ يسقطون تحت عجلاته .. والتغيير هو سنة الحياة، ولله في خلقه شؤون.