الوالدان .. حقوق وعقوق!

إحصائية تقول إن 5 في المائة من قضايا الأسرة في المحاكم تتعلق بعقوق الوالدين .. وإن المنطقة الشرقية في المملكة ارتفعت فيها نسبة هذه القضايا إلى 52 في المائة، وإن محافظة "جدة" زادت قضايا العقوق فيها إلى 20 في المائة .. حيث إن متوسط عدد القضايا التي تتعلق بالعقوق وصل إلى 120 قضية شهرياً, والأمر يتكرر في باقي المحافظات. عقوق الوالدين قضية خطيرة ومزعجة، تتفاوت خطورتها بين تهديد الابن لوالديه, أو سبهما وشتمهما، وقد يصل الأمر إلى الاعتداء عليهما بالضرب، ويصل إلى التجرد من أي خلق أو دين، فيصل إلى القتل. ما الذي حدث في المجتمع السعودي، وهل المجتمع يمر بحالة اضطراب أوصلته إلى فقد توازنه، فاهتزت أركانه؟ لقد تربينا في مجتمع متماسك تصل فيه طاعة الوالدين إلى حد التقديس، فنحن مجتمع مسلم، تقوم دعائمه على صحيح الدين. هذا الدين الذي قنن علاقة الابن - أو البنت - بوالديه، فقال تعالى في قرآنه الكريم: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه. وبالوالدين إحساناً"، لقد قرن الله عبادته ببر الوالدين، حتى إنه ـــ سبحانه ـــ يرفع من قيمة بر الوالدين فيقول: "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم، فلا تطعهما، وصاحبهما في الدنيا معروفاً".
مرة أخرى ماذا حدث للمجتمع السعودي حتى تظهر فيه هذه القضايا التي يرى كثيرون أنها تزداد؟ هل العولمة التي دهمتنا قد غيّرت منظومة الأخلاق عندنا .. أم أننا أخطأنا في مفهوم العولمة؟! فيرى الشباب ـــ الأبناء والبنات ـــ أنها نوع من "الفلتان" والفوضى حتى تختفي الحدود بين الآباء والأبناء .. مع ذلك. فهل الخطأ يقع على الأبناء وحدهم، أم أن الآباء مشتركون في الخطأ؟ فقد أخذ العصر المادي الذي نعيشه الآباء من مسؤولياتهم التربوية، وضاع الأبناء لأنهم أصبحوا بلا مرشد ووقعوا تحت تأثير الفضائيات التي أصبحت تملأ الدنيا.
قضية مزعجة ومخيفة وجديدة على مجتمعنا المسلم، قضية العقوق تهد كيان الأسرة، التي هي اللبنة الأولى في تكوين المجتمع، فإن انهارت الأسرة، انهار المجتمع كله، والمطلوب من علماء الاجتماع وعلماء التربية التصدي لهذه القضية الخطيرة ومواجهتها حتى لا يفقد المجتمع توازنه. وإذا كنا نولي الاهتمام الكبير لقضايا السياسة والاقتصاد والزراعة, فإن قضية الاهتمام بالأسرة يجب أن تقف في مقدمة القضايا، قبل أن يجرفنا التيار وساعتها نبكي على اللبن المسكوب، حيث لا ينفع البكاء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي