قمة شرم الشيخ الاقتصادية
كنت معكم في المقالة السابقة نتحدث عن عدد المواد والأقسام الخمسة التي يتكون منها العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للإنسان، ولعل أهم ما يتطرق إليه ذلك العهد هو حق الشعوب في تقرير مصيرها، وفي حرية التصرف في ثرواتها، وكذلك حق الإنسان في العمل، والحق في تكوين النقابات، والحق في الضمان الاجتماعي، وحق الأسرة والطفل، والحق في حياة اقتصادية كريمة، والحق في التعليم لمحاربة الأمية وللمشاركة بفعالية في تنمية اقتصاد البلاد التي يعيش فيها الإنسان مما يؤدي إلى رفع مستواه العلمي ومستواه المعيشي، إلى جانب حقوق الإنسان الثقافية والفكرية. كل تلكم الحقوق تسعى جادة لإسعاد الإنسان والحفاظ على كرامته وحرياته، وقد أشرت أكثر من مرة - وخاصة في المقالين السابقين - إلى أن الدولة حريصة على توقيع العهد المذكور مع الاحتفاظ بحق التحفظ على أي مادة تتعارض مع تعاليم الشريعة الإسلامية أو نظام الحكم الأساس للمملكة، كما فعلت الدولة في التحفظ على مادتين من مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الأولى تتعلق بحرية الإنسان في الزواج إذا وافق الرجل والمرأة بغض النظر عن موافقة ولي الأمر ووجود شاهدين وإشهار الزواج، إلى غير ذلك من ضوابط عادلة تصون حق الزوجين. والثانية تتعلق بحرية الإنسان في تغيير دينه! لذلك تحرص الدولة على التحفظ على المواد التي لا تتفق مع ديننا، لذلك لم أتطرق إلى المواد التي أشار إليها العهد الدولي الذي نحن بصدده إذا شعرت أن الدولة ستتحفظ عليها. والآن نتجه إلى أهم الموضوعات والملفات التي أثيرت في قمة شرم الشيخ الذي عقدت يوم الأربعاء 15/2/1432هـ - 19/1/2011م في دولة مصر الشقيقة. وتهدف القمة العربية إلى مناقشة أهم الموضوعات الاقتصادية التنموية والاجتماعية حسبما ورد في تقرير صحيفة «الاقتصادية» الصادرة يوم انعقاد القمة بعنوان (القمة العربية الاقتصادية) وقد وجدت من المناسب أن أتوقف مؤقتاً عن سرد ما أمكن من مواد العهد الدولي المشار إليه، وأحط رحالي في شرم الشيخ وخاصة أن موضوع القمة له علاقة مباشرة بحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي أكتب عنها هذه الأيام.
أهم موضوعات النقاش
ركزت القمة على مشاريع الأمن الغذائي وأساليب مواجهة البطالة في العالم العربي، ومن الجدير بالذكر أن 40 في المائة من العرب يعيشون على أقل من 2.75 دولار يومياً! ومعدلات البطالة في العالم العربي هي الأعلى على مستوى العالم وهذا ما حذر منه منتدى المجتمع المدني الذي عقد على هامش القمة المذكورة الذي أكد استمرار تدهور الأوضاع المعيشية للمواطن العربي، خاصة الدول الأقل نمواً والتي تواجه تحديات خطيرة تجعلها عاجزة عن الوفاء بالحد الأدنى للمستوى التنموي المقبول. والوصول للحد المنخفض المذكور يسبب المعاناة من الفقر ويدفع الشعوب الفقيرة إلى حركات الاحتجاج والشكاوى. ونادى المنتدى المذكور بضرورة الاهتمام بسياسات التعليم والرعاية الصحية، ومكافحة الفقر، إضافة إلى عدالة التوزيع للموارد في المجتمعات العربية، وإعطاء الرعاية الاجتماعية والاستثمار في المواطن العربي الأولوية القصوى في جميع السياسات التي تتبناها الدول العربية، مع ضرورة توفير التمويل الكافي لمنظمات المجتمع المدني في الوطن العربي حتى تتمكن من المشاركة بفعالية لتحقيق الأهداف التنموية التي تؤدي إلى تحسين مستوى الحياة للمواطن العربي ـ كما جاء في الملحق الاقتصادي لصحيفة “الرياض” الصادرة يوم انعقاد القمة المذكورة المشار إلى تاريخه، وفي الحلقة (160) نكمل ما تبقى.