مستوى الوظيفة بين الواقع والتطلعات!
إن الدور الذي يمارسه الفرد في حياته هو الذي يبني القيمة الفردية له وهو الذي يجسد درجة تقديره لذاته ويعكس فعليا الجانب التنفيذي لطموحاته التي يسعى إلى تحقيقها حتى وإن لم تتحقق أحيانا على الواقع إلا أن كل المحاولات التي تهدف إلى ذلك هي عامل مهم يرفع درجة احترام الفرد لنفسه، وليس من الضروري في القيمة النفسية للفرد أن يكون مركز الفرد في مهنته عاليا أو مهما ولكن بناء القيمة في علم النفس إنما يأتي من المردود النفسي لذلك العمل وما يعود به على الفرد من جوانب معنوية ومادية، فالمدير أحيانا ربما لا يحظى بتقدير ذات لنفسه إذا شعر أن عمله لا يتجاوز مسماه الوظيفي دون بذل أي مجهود في بناء تلك الإدارة التي يرأسها وفي المقابل فإن مهنا بسيطة جدا يفخر العاملون فيها لأنهم يشعرون بإشباع لذواتهم من خلال شعورهم أن ما يقدمونه هو أمر ذو قيمة، والطموح عادة هو الأمر الذي يخدم أفكار الفرد أوجهوده حتى وسط ظروف صعبة أو غير مؤهلة ولكن انخفاض مستوى الطموح أو انعدام تحديد الأهداف أو التشويش في الخطة المستقبلية للفرد يدفع الفرد لا شعوريا إلى تعليق الفشل على الظروف والأفراد والعوامل المحيطة حتى وإن لم تكن ذات علاقة واضحة بالفشل الذي يعانيه الفرد، فالعمل دائما يبدأ بفكرة والإصرار دائما هو المحرك الأول لتحقيق الهدف، فليس من الضروري أن يكون الشخص ثريا ليكون رجل أعمال ناجحا بل إن كثيرا من النماذج الواقعية لرجال الأعمال عكست بدايات صعبة وتحديات صقلت الكثير من المهارات لديهم حتى أصبحوا أكثر قوة وأشد صلابة، حتى وإن تحدثنا عن مشكلة البطالة وأنها مفتاح للعديد من الانحرافات السلوكية وهدر لقدرات الشباب، ولكن على الشاب أن يدرك أن العمل لن يطرق بابه إن لم يسع سعيا حثيثا إليه وليس من الضروري أن يطابق الشاب بين الصورة التي في ذهنه ويطالب الواقع أن يكون طبق الأصل منها، بل إن المرونة مطلوبة في الدخول إلى ساحة العمل حتى لو كانت البداية بسيطة يكفي أن تكون رصيدا من الخبرة التي تنمي القدرة وترصد مواقف للشخصية، وتختلف الآراء بين الرغبة في الانضمام إلى القطاع الخاص أو القطاع العام وبين ممارسة العمل الخاص وكل له من السلبيات والإيجابيات وفق ما يراه الفرد مناسبا له ولوضعه ولكن الأهم من هذا كله هو ما مدى النظرة الجادة إلى العمل وما مدى تحمل المسؤولية في إنجاز مهام ذلك العمل؟ أسئلة وأفكار كثيرة ينبغي أن تطرح قبل تعليق الفشل على الآخرين!