المحاكم وقضايا التعذيب

في المقالة السابقة انتهينا من الإشارة إلى آخر أسماء المفوضين السامين لحقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة، وكانت المفوضية السامية الخامسة التي هي من جنوب إفريقيا والتي هي الآن على رأس العمل منذ الأول من أيلول (سبتمبر) 2008م وهي السيدة نافا نيثيم بيلاي التي هي من أصل تاميلي، وسبق أن وعدت القراء الأعزاء بالإشارة إلى أهم ما ورد في سيرتها الذاتية، فقد كانت قاضية في المحكمة الجنائية الدولية وعملت أيضاً كقاضية في محكمة الجزاء الدولية الخاصة برواندا واضطلعت بدور رئيس في قرار التعريف بالاغتصاب والأسلحة الحربية، وكانت أول امرأة تفتح مكتباً للمحاماة في جنوب إفريقيا وأول امرأة غير بيضاء تعمل في المحكمة العليا في بلادها، كما اشتهرت السيدة بيلاي كمحامية للدفاع عن نشطاء مناهضة الفصل العنصري وفضح التعذيب والمساعدة في إنشاء الحقوق الأساسية للسجناء في جزيرة روبن، وأود في هذه المناسبة أن أذكركم بأن السبب الرئيس للاهتمام بذكر أسماء المفوضين السامين ونبذة عن سيرهم لأنهم صفوة من الأشخاص الحقوقيين من مختلف بلدان العالم الذين برزوا في الاهتمام بحقوق الإنسان وكانت لهم خبرة في مجال القضاء والأعمال الأخرى التي تعتمد على العدل والأمانة ـ وقد تم اختيارهم بعناية ليتقلدوا منصب المفوض السامي كتكريم لهم والاستفادة من خبرتهم السابقة وإعطائهم السلطة والقدرة على المزيد من العمل في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان على المستوى العالمي، ونعود تارة أخرى للحديث عن:
عاملات المنازل والعنف
سبق أن وعدت القراء بأن أكمل حديثي عن نتائج مقتل عاملة المنزل في تبوك التي لاقت حتفها في اليوم الأول من عيد الأضحى المبارك السابق! بعد أن تعرضت للضرب المبرح من قبل كفيلها حسبما ورد في (عكاظ) يوم الأحد 21/12/1431هـ, وقد حاولت جاهداً الحصول على معلومات من مندوب عكاظ في تبوك فلم أتمكن من الاتصال به وكذلك اتصلت مرة أخرى بسعادة رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام بتبوك الذي اعتذر عن الإدلاء بأي معلومات إلا بكتاب رسمي وسأحاول عن طريق الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في الرياض وفرعها في تبوك أن أحصل على معلومات ليتم تحليلها ثم تقديمها للقراء في مرة قادمة، والواقع أن الصحف ما زالت تتحدث عن معاناة العاملات وآخر ما قرأت ما ورد في (الوطن) الصادرة في 21/1/1432هـ أن قضية العاملة المنزلية (ستي سلام ) (22) عاماً إندونسية ما زالت تدور في أروقة المحكمة العامة في المدينة المنورة في قضية التعذيب المفرط الذي تعرضت له من كفيلتها والتي ما زالت ـ الكفيلة ـ مسجونة منذ 29 ذو القعدة الماضي، ويبدو أن القضية ستأخذ وقتاً أطول للحكم بسبب إصرار المتهمة على براءتها من تهمة التعذيب، والجدير بالذكر أن هذه القضية استدعت تدخل السفير والقنصل الإندونيسي للتدخل في القضية بجانب حضــور وزيرة (تمكين المرأة والأطفال) من إندونسيا للمملكة لمتابعة القضية وخـــاصة من خلال المحامي سعود الحجيلي الذي أسندت إليه المرافعة في هذه القضية، كما ورد في نفس صحيفة (الوطن) في نفس اليوم المشار إليه أن قسم الطوارئ في مستشفى عسير المركزي استقبل خادمة آسيوية متوفاة, وثبتت وفاتها من الطبيب المختص في المستشفى ولم تظهر على الجثة أي آثار للتعذيب وقد أُحضرت الخادمة للمستشفى من قبل شخص مجهول بدعوى أنها مريضة، كما سبق أن شهدت مدينة أبها في شهر ذي الحجة الماضي حادثة قتل خادمة إندونسية كل ذلك تزامن مع حادثة تعذيب عاملة المنزل الإندونسية في المدينة المنورة مما أدى إلى إشغال الرأي العام الإندونيسي خلال الفترة السابقة بهذه الحوادث خاصة النقابات التي تعمل في مجال العمل ومجال المرأة في إندونسيا، وبقي أن نؤكد أهمية تفعيل الأنظمة المتعلقة بحقوق وواجبات العمالة بصفة عامة عن طريق وزارة العمل الناشطة في هذا الموضوع كما آمل من وزارة العمل والجهات ذات العلاقة مثل هيئة وجمعية حقوق الإنسان أن تنظر فيما سبق أن اقترحته في مقالاتي السابقة عن هذا الموضوع. وفي الحلقة (155) القادمة نبدأ الحديث عن العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للإنسان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي