كل عام وحياتك أحسن
يشعر معظمنا في أغلب الأحيان بأن جل مشكلاتنا المعقدة توجد خارج نطاق سيطرتنا وأنه ليس بوسعنا القيام بأي شيء من أجل تغيير ذلك الوضع، ونحاول أن نستسلم ونمارس التكيف من أجل الحفاظ على راحة أنفسنا من مواجهة التحديات، ونستبعد مواجهة التفكير في أي تغيير.
ومع ذلك فهناك جزء بداخلنا يرفض تشجيع هذا الاستسلام، وهو الذي يستيقظ فجأة في منتصف الليل أو في أثناء سماعك آية قرآنية أو مقولة مؤثرة أو أثناء استمتاعك بمعزوفة جميلة ليواجهنا قلقا ومتسائلا عن الأشياء التي تهمنا بصورة أساسية:
ـــ ما معنى ما أفعله في حياتي؟ هل هذا هو المطلوب فعلا؟ كيف أستثمر وجودي بشكل أفضل؟
ولكن للأسف فبعد أن يظهر الصباح، أو يتبخر تأثير الآية، أو تنتهي المعزوفة، تنقطع التأملات وتتبخر هذه التساؤلات، ونعود لنجد أنفسنا مسافرين في عربة الحياة دون تحديد اتجاه معين، وتمر السنة تلو الأخرى دون أن نحاول تأمل العربة لنرى كيف تعمل أو إلى أين تذهب، وكل ما نقوم بفعله هو الجلوس في المقعد الخلفي منشغلين في حياتنا المزدحمة وبالكثير من الأمتعة التي تسير بسرعة كبيرة لا تسمح لنا بالانتقال إلى المقعد الأمامي لتوجيه عربة الحياة نحو التوقف في محطات مهمة أو لتغيير الاتجاه في بعض الأحيان.
ـــ نحن بحاجة ملحة إلى محطة توقف عاجلة في الأيام الأولى من العام الجديد، نقوم فيها بتهدئة سرعة عربتنا والنظر إلى اتجاه حياتنا وأسلوب تفكيرنا بصورة أكثر تدقيقا، وتتطلب هذه العملية الرجوع إلى الوراء لملفات السنة الماضية ثم استشراف أهداف السنة المقبلة، وذلك بأن نطرح على ذواتنا أسئلة جوهرية مثل:
ـــ ما الذي تعلمناه في رحلة السنة الماضية؟ ما الذي أخفقنا في تعلمه؟ هل ارتكبنا أية أخطاء؟ ما المسافة التي قطعناها؟ ما الأدوار التي أقوم بها حاليا في حياتي؟ ما الدور الذي سأركز عليه أكثر في السنة الجديدة؟ ما الأهداف الخاصة بكل دور؟ ما الاعتقادات السلبية التي أعاقت أدائي في العام الماضي؟ ما القيم الجديدة التي أود التحلي بها في هذا العام؟
ـــ علينا أن نقوم بإعداد التربة، والنظر في النباتات التي نمت والتي لم تنمُ في الموسم السابق، ويستلزم ذلك الشجاعة في الاعتراف بالأخطاء والتخلص من اعتقاداتنا السلبية عن قدراتنا بالطريقة نفسها التي يزيل بها المزارع الأعشاب الضارة من حديقته، والتأكد من إعداد بيئة شخصية داعمة، وألا نترك الأعشاب السامة تنمو حول أهدافنا، وكل عام ونحن إلى الخير أقرب.