حاجتنا إلى قمة خليجية للمياه

بين حفل توزيع جائزة الأمير سلطان بن عبد العزيز العالمية للمياه وصدور البيان الختامي لقمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الحادية والثلاثين يوم واحد، في حفل الجائزة كانت خطورة وضع المياه في منطقة الشرق الأوسط والتحذير من نكبة مائية قادمة حاضرا، وفي القمة جاء ''إعلان أبوظبي'' ليركز على قضية المياه بعد أن توارت طوال السنوات الماضية خلف قضايا سياسية واقتصادية عديدة.
في حفل توزيع الجائزة ورغم أهمية موضوع المياه وخطورته في عالمنا العربي، إلا أن الباحثين العرب غابوا عن مجاله، فلم نر أحداً منهم استطاع أن يحقق مكانة متميزة عبر بحث يناقش هذا الموضوع الحيوي والمهم، وهذا الغياب العربي عن مجالات البحث العلمي أمرٌ غير مستغرب، فما زال العرب يعتمدون على ما يردهم من الغرب والشرق حتى في أمور تتميز بها منطقتهم أكثر من غيرها من مناطق العالم، ولعل استخدام الطاقة الشمسية والبحوث المتعلقة بها، خيرُ شاهدٍ على ذلك، فرغم توافر كافة عوامل النجاح في هذا المجال، نرى دولا لا تعرف الشمس إلا أياماً قليلة في السنة استطاعت أن تستفيد من هذه الطاقة، بل وتصدر خبراتها لنا، وعالمنا العربي غائب عن هذا المجال.
رئيس مجلس جائزة الأمير سلطان بن عبد العزيز للمياه الأمير خالد بن سلطان أشار في كلمته في حفل توزيع الجائزة إلى أهمية أن يسعى العلماء والباحثون لإيجاد حل لما سماه ''النكبة المائية''، وأشار إلى عدم تفاؤله إثر إطلاعه على تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية لعام 2010م، الذي عكس ازدياد ندرة المياه واستشراء التلوث واتساع التصحر، وقال ''إن مجريات الأحداث تجمع أن منطقة الشرق الأوسط هي أكثر المناطق احتمالا لتفجر الصراع المائي''، مشيراً إلى أن الإدارة المائية المتكاملة الصحيحة ''لا تزال حلماً بعيد المنال'' وحذر من القرصنة المائية التي لا تقل خطراً عن القرصنة البحرية، كما أبدى أسفه على عدم التفاعل مع دعوته الخاصة بعقد ''قمة مائية'' على غرار القمم السياسية والاقتصادية.
دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعد من أكثر الدول العربية معاناة من ندرة المياه بسبب تناقص حجم الأمطار السنوية واعتماد المنطقة بشكل كبير على المياه المحلاة والجوفية، وتقابل هذا زيادة كبيرة في عدد السكان الذين يتوقع أن يصل عددهم عام 2025م إلى 56 مليون نسمة، وتزايد استهلاك المياه الكبير في دول المجلس خاصة المملكة سيؤدي إلى معاناة هذه الدول من عجز مائي شديد خلال السنوات القليلة المقبلة.
''إعلان أبوظبي'' تناول مشكلة المياه بشكل واضح، وأوصى بـاتخاذ عدة إجراءات لمواجهة المشكلة، من بينها ''اتخاذ خطوات جادة نحو استراتيجية خليجية شاملة بعيدة المدى بشأن المياه يعتمدها المجلس الأعلى لمجلس التعاون كأولوية قصوى وتأخذ في اعتبارها تأثير تغير المناخ في الموارد المائية وترشيد الاستهلاك في مختلف القطاعات التنموية والتأثيرات المتبادلة بين قطاعي الزراعة والمياه وتأثير التحلية في نوعية مياه البحر وتغير المناخ، وكذلك التخزين الاستراتيجي للمياه''، كما أكد على ضرورة الربط بين ضمان المياه وتنويع مصادر الطاقة والأمن الغذائي كضرورة حيوية وأولوية استراتيجية لمستقبل بلدان الخليج.
وما تضمنه ''إعلان أبوظبي'' من توصيات مهمة يؤكد استشعار قادة دول المجلس لخطورة وضع المياه، وهذا ما يستدعي أن يخصص القادة قمة تتناول قضية المياه وسبل إبعاد دول المجلس عن خطر أزمة قادمة، إذا لم نسع منذ الآن لتلافيها فسيكون تأثيرُها بالغاً في دول وشعوب المنطقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي