شفافية الملك عبد الله تختصر المسافات بين القيادة والمواطن
بدأ خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، عهده الميمون بكثير من النقاء الفطري الذي جُبل عليه، وهو نقاءٌ لم يستدعه أو يتقمصه.. وإنما جاء هكذا ليمثل شخصيته الطبيعية التي عرفها به شعبه في مختلف درجات المسؤولية، وهم مَن شاهده إبان ولايته للعهد وهو يجول في الأسواق بين الناس ويلاطفهم، ويتذوق طعامهم كفرد منهم، حتى انغرست هذه الصورة في وجدان كل مواطن ومقيم، لتعكس مدى قربه منهم، وشعوره بأدق وأجل تفاصيل مشاعرهم، وكان من الطبيعي لرجل بهذا الحجم من أخلاقيات الوضوح والشفافية أن يختزل المسافة ما بين صورة القائد والزعيم، وصورة الأب التي بات يشعر بها القريب والبعيد، عطفا على كثير من المواقف التي عبّرت عنها بكل عفوية، وبلا أي تكلف.
لم يشأ الملك عبد الله أن يؤطر شخصيته بأي إطار آخر غير شخصيته الحقيقية، لأنه يُدرك أنه ليس بحاجة إلى ما يتمم به هذه الشخصية التي قلما يراها الناس إلا في كتب التاريخ تحت عنوان الحاكم العادل، ثم لأنه جاء بمشروعه الإصلاحي الكبير الذي يستهدف وضع كل الأمور تحت ضوء الشمس، لإرساء نهضة وطنية نوعية تقوم أولا وأخيرا على الشفافية، لذلك لم يتوان من أن يكون هو القدوة والأنموذج، حينما كشف لأبنائه ومواطنيه عن تعرضه لانزلاق غضروفي في فقرات الظهر، وجعل ملفه الصحي في متناول كل مواطن عبر بيانات الديوان الملكي، ليحطم تلك الأساطير التي بُنيت عليها بروتوكولات الزعامة في مختلف دول العالم، وتحديداً العالم الثالث، لأنه يعي أن الشفافية هي أسمى معايير القيادة، وأن الصدق، والوضوح، والإخلاص هي التي تصنع المجد الحقيقي، وتعيد ربط حلقات المجتمع بمنظومة من الثقة المتبادلة، وترسخ في أذهان الناس معنى أن تكون إنسانا بكل أبعاد مفهوم الإنسانية.
والذي تابع ردود الأفعال تجاه بيانات الديوان الملكي لمراحل العلاج الذي يتلقاه الملك، وحجم الدعوات له بالشفاء، والتفاعل الكبير من جميع المواطنين والمقيمين بمختلف أطيافهم، يدرك بوضوح كيف تختصر الشفافية المسافات بين القيادة والمواطن، وكيف تُبنى تلك الصلات العميقة بمواثيق الحب الخالص وصدق المشاعر، لتتحول بالنتيجة إلى سيل من الدعوات للمولى القدير بأن يسبغ عليه نعمة الصحة والعافية، ليعود إلى وطنه وشعبه لمواصلة ما بدأه من عمل جليل بدّل وجه الوطن خلال بضع سنوات، ونقله إلى صفوف قمة العشرين، قبل أن يضع قائده على رأس قائمة الزعماء الأكثر شعبية، وقائمة الزعماء الأكثر تأثيرا في مستوى العالم ـــ بحسب المطبوعات المستقلة المؤثرة ذات المصداقية العالية.
هذه المراتب التي لم يسع إليها عبد الله بن عبد العزيز لا يمكن أن تتأتى لغيره إلا بأدواتها، لأن لغة الوضوح التي وسمت عهده، هي التي أسست لهذه الموقعية الفريدة، سواء على مستوى المنطقة أو على مستوى العالم، وأكسبته ثقة الجميع إلى الحد الذي جعل كثيرين يعيدون النظر في التعريفات السائدة للسياسة، وما شابها من شوائب اللبس بغلبة المصالح على المبادئ، بعد أن استطاع عبد الله بن عبد العزيز، أن يقنع العالم بأفعاله قبل أقواله، بأن كبرياء الصدق هي قامة الحق، ومصدر الثقة، وعنوان الزعامة التي يجب أن يحتكم إليها كل الساسة في إدارة أوطانهم، ليؤسس نهجا غير مسبوق في إدارة شؤون الدول، ذلك لأنه رجل قيم وزعيم مبادئ قبل أن يكون رجل سياسة.
لذا حق لهذه الأمة أن تفخر بأن ما قرأته في تاريخها المجيد عن شيم العدل ومروءات القيادة النبيلة، يمكن أن يعود مجددا متى ما قيض الله لها رجالا يمتلكون هذا القدر من الشيم الأصيلة بوزن ما يمتلكه عبد الله بن عبد العزيز، هذا الفارس النبيل من المروءات.