حتى لا تصبح استثمارا سيئا

تصور ذلك المشهد الذي يتكرر كثيرا، يأتي رجل أعمال للبنك يطلب قرضا، ضماناته ممتازة والتوقعات بالنسبة لمشروعه تبدو جيدة، فيتم منحه القرض، بينما يتقدم شخص آخر من أجل القرض لكنه عجوز وصحته معتلة وليس لديه أية ضمانات وتوقعات الوفاء بالقرض بالنسبة له ضعيفة، ومن المنطقي أن يرفض الموظف منحه القرض مع أنه المضطر الحقيقي وحالته شديدة العوز، لكننا في عالم تحكمه لغة المنفعة وتقيم فيه قيمة الإنسان كاستثمار جيد أو سيئ.
إن قانون الإنسان الاقتصادي يقر بأن البشر أنانيون، وأن الحياة الاجتماعية محكومة بالمبادئ الأساسية ذاتها التي تحكم السوق، لذا ومثلما يدور في ذهنك بينما تتسوق أو تقرر شراء سلعة ما، يتوقع أن تسأل نفسك بشأن شخص آخر «ما نفعه المحتمل بالنسبة لي؟»، وكلما زاد ما نتوقع كسبه من هذا الشخص زاد استثمارنا فيه.
ولكن، ماذا عن ذلك الوقت من الحياة ــــــــــ ونأمل أن يكون متأخرا وليس مبكرا ــــــــــــ الذي نضعف فيه جميعا، نهرم أو نمرض، نفقد مظهرنا أو سلطتنا، وباختصار نصبح استثمارا مستقبليا سيئا، فلماذا لا يتم التخلص منا فورا؟ وكيف يسمح لنا بالاستمرار لسنوات عديدة نستهلك فيها دون عطاء مادي؟
تكمن الإجابة لدى أولئك الذين يدعموننا من خلال الحب والصداقة التي لا تعرف الأنانية والربح المادي، والعلاقات التي تتجاوز التفكير بأسلوب «ما الذي فعلته لي أخيرا».
وهذا ما يجعل الزواج المستقر بين شخصين والألفة الحميمية بينهما هو الفرصة الأكبر للاستمرار في الحياة كاستثمار رائع مدى العمر من خلال شريك يحبك ويدعمك في السراء والضراء، وهو العنصر الأكثر فعالية في تحقيق السعادة من الرضا الوظيفي أو المال أو المنصب الاجتماعي حسب علماء النفس الاجتماعي، لأنه يتفرد بكونه النظام الذي يمنحنا أقوى ثلاثة أنواع من الحب تحت غطاء واحد: فالأول هو حب الناس الذين يمنحوننا الراحة والقبول والمساعدة والذين يعززون ثقتنا ويرشدوننا، والنموذج لذلك هو حب الأطفال لذويهم، والثاني هو حبنا للأشخاص الذين يعتمدون علينا لتقديم ذلك، ويبرز هذا النموذج في حب الآباء لأبنائهم. وأخيرا يأتي الحب الرومانسي، وهو جعل إنسانا آخر مثاليا من خلال دعم قدراته والتقليل من شأن عيوبه. وكل هذا الحب هو الذي جعل الزواج مؤسسة اجتماعية قوية ناجحة على مر العصور.
والآن،، متى كانت آخر مرة قيمت فيها بعمق وامتنان نعمة شريك حياتك؟، ومتى كانت آخر مرة أشغلت ذهنك فيها لاكتشاف وسائل تجعل حياتك الزوجية أسعد حالا؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي