من العدو الجديد لحلف الناتو بعد لشبونة؟
اتخذت قمة الناتو في لشبونة في الأسبوع الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري قرارات تتعلق بروسيا وأفغانستان وتركيا وإيران يحتاج القارئ العربي إلى قراءة خاصة فيما يتعلق بإيران فحلف الناتو المعروف بحلف شمال الأطلسي تشكل في نيسان (أبريل) 1949 في وقت كان الحظر الشيوعي يهدد أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، وكان هدف الحلف هو تجميع الطاقات العسكرية لمنع الهيمنة الشيوعية من مركزها في موسكو. وفي1955 رد الاتحاد السوفياتى بإنشاء حلف وارسو.
في 1990 انهار الاتحاد السوفياتي والكتلة الشيوعية رسميا باتفاق باريس من تشرين الأول (أكتوبر) من ذلك العام الذي أنهى الحرب الباردة وبشر بعصر جديد.
وكان مطلوبا بعد زوال الاتحاد السوفياتي والخطر الذي استوجب إنشاء الناتو أن يعلن زوال الحلف أيضاً، ولكن الحلف بدأ يطور نفسه لمرحلة جديدة يبحث فيها عن أعداء، وكانت الأدبيات السياسية الغربية ترشح الإسلام بديلاً عن موسكو الشيوعية عدوا جديداً مختلفاً يتسلل معنوياً وينساب في المجتمعات الغربية من خلال موجات العولمة والأقليات الإسلامية والاحتكاك الأوسع، رغم أن العالم الإسلامي لعب دوراً ملحوظاً في زوال الاتحاد السوفياتى والشيوعية. لكن الحلف لعب أدوارا على هامش الاستراتيجية الأمريكية في البوسنة ثم في أفغانستان مع موجة الحملة الأمريكية لمكافحة الإرهاب.
وأظن أن قمة الناتو التي عقدت في لشبونة في الأسبوع الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري لها دلالات واضحة بالنسبة لحالة الناتو ومستقبله فقد لوحظ أن ميزانية الحلف هذا العام 2010 قفزت من 400 مليار يورو إلى أكثر من ألف مليار يورو لتجديد هياكله وأسلحته، كما لوحظ أن الحلف درس استراتيجية موحدة حيال أفغانستان، حيث شارك كرزاي في القمة، بعد أن لوحظ أن المساهمين مع الولايات المتحدة يتفلتون فرادى من الميدان، في ظل تأكيدات القيادات العسكرية الأمريكية والبريطانية أن الحلف فقد بوصلته الاستراتيجية في حيال أفغانستان وأن القمع العسكري الكامل لطالبان مستحيل.أما الملاحظة الثالثة فهي المتعلقة بنشر الدروع الصاروخية، التي كان بوش يصر عليها وحاول ضم روسيا إلى الشبكة رغم أن هذه الدروع تستهدف روسيا. القمة تحمل ألغازا بشأن إيران فالمعلوم أن الحلف يريد نشر منظومة متكاملة من الدروع الصاروخية على أعضائه بما فيها إسرائيل المنتسبة للحلف ضد صواريخ محتملة من إيران، وفي الوقت نفسه يريد أن يكون لإيران دور في أفغانستان يدعم خططه. ولم يفهم المراقبون هذا الخلط بين دور إيران في أفغانستان ووضعها هدفا لبرنامج الدروع، فهل هي صفقة مع إيران أم محاولة لاستدراجها لاحتواء برنامجها النووي؟ وهل نجح الملف في إبعاد روسيا عن الدعم النووي لإيران، أم أن انعدام الثقة بين روسيا وإيران من جهة والملف من ناحية أخرى يجعل الحوار بين الطرفين من قبيل المناورات؟
وما دور تركيا التي قبلت أن يقام المشروع على أراضيها مع تحفظها على موقف العداء الأطلسي لإيران؟ فإلى من توجه هذه الدروع، وما دور إسرائيل؟ ولماذا قبلت تركيا استضافة البرنامج وما أثر ذلك في علاقتها بروسيا وإيران وإسرائيل؟ إذا كان الناتو في الحرب الباردة أداة في هذه الحرب، فهل أصبح الحلف بعدها في خدمة إسرائيل ضد "الإرهاب العربي"؟