عيد أضحى مختلف

في جميع دول العالم هناك عيد أضحى واحد، فيه تتمحور كل الاهتمامات، ويتفرغ الكل من أجله، لكن في بلادنا، وبما حملته من تشريف رباني بأن كانت مهبط الوحي، وملتقى أفئدة المسلمين، ومكان أداء الركن الخامس من أركان الإسلام وهو الحج، فقد أصبحت فرحة عيد الأضحى لا تكتمل إلا بعد الاطمئنان على أن حجاج بيت الله الحرام أدوا مناسكهم، بعيداً عما ينغص هذه الشعيرة من حوادث أو معوقات.
في هذا العام كان العيد متميزا بأن من الله على الحجاج بأداء نسكهم بيسر وسهولة دون أية حوادث تعكر صفو هذه الشعيرة، وزال ولله الحمد ما كان يخشاه الجميع أثناء التدافع لرمي الجمرات، فنحمد الله تعالى أن وفق هذه البلاد لخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما.
***
قطار المشاعر الذي دخل الخدمة هذا العام فيسر على حجاج بيت الله الحرام أداء مناسكهم، وخفف من الزحام الذي تشهده المشاعر كل عام، كان من أبرز معالم حج هذا العام، وجاء دخول القطار الخدمة بعد حملة إعلامية كبيرة تعرض لها المشروع، مما جعل الكل يسعى إلى تجربة هذا القطار والتأكد من حقيقة ما نشر عنه، وحسب من أدوا حج هذا العام فقد كان القطار متميزا وخالف كثيرا من التوقعات، والغريب أن القطار واجه تحايلا من البعض حيث كان هناك من الحجاج من يشتري تذكرة لركوب القطار ثم يقوم بتأجيرها على الحجاج الآخرين، فأصبحت التذكرة الواحدة تستخدم من قبل عدد كبير من الحجاج، ولعل قيادة بلادنا المعروفة بالسعي لكل خير تعمل على توفير خدمات القطار داخل منطقة المشاعر بالمجان، فما تنفقه الدولة على المشاعر كل عام لا يشكل دخل القطار عنده شيئا. وقد تطرق الأستاذ محمد صلاح الدين في مقاله يوم الخميس الماضي في صحيفة المدينة إلى اقتراح تقدم به الدكتور حامد بن محمود صفراطة لإنشاء وقف خيري للإنفاق على قطار الحرمين الشريفين حتى يقدم القطار خدماته مجانا لضيوف الرحمن.
***
من أبرز ما تعانيه المجتمعات المسلمة الفصل بين العبادة والسلوك الشخصي للإنسان، وكأن العبادة مجرد طقوس يؤديها الإنسان دون أن تنعكس على تصرفاته وأخلاقه وتعامله مع الناس، وفي كل حج تظهر سلوكيات تدل على هذا الانفصال الكبير، من أبرزها انتشار ممارسات تتنافى مع الإسلام، مثل عمليات النشل والغش وترويج البضائع الفاسدة، كما أن من الممارسات التي تنم عن انعدام الضمير والسعي إلى الكسب الحرام، ما يقع عددٌ كبير من الحجاج ضحيته، وهي تلك الحملات الوهمية للحج التي يستولي أصحابها على أموال الناس ثم يتوارون عن الأنظار، فيعاني راغب الحج معاناة فقد المال وضياع فرصة الحج، وهذه المشكلة تتكرر كل عام، ومن المؤسف أن نقرأ في الصحف عن القبض على صاحب شركة لحجاج الداخل هرب بعد أن جمع خمسة ملايين ريال من 1200 حاج، ونقرأ في الصحف أن لجنة النظر في المخالفات ستتخذ إجراء صارما ضد الشركة قد يصل إلى شطب الشركة، وكان الأولى أن يكون شطب الشركة هو الإجراء الأول، كما قرأنا في الصحف عن مجموعة من الوافدين شكلوا شركة وهمية وجمعوا مبالغ من المال من عدد من الراغبين في الحج، ثم فروا بما جمعوه من مال. وهذا الأمر يتطلب إعادة النظر في العقوبات، حفظاً لمكانة هذه الشعيرة، وامتثالا لرب العالمين الذي ضاعف عقوبة المذنب في هذه الأماكن المقدسة، كما ضاعف أجر من أحسن عملا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي